هل نصبح عبيدًا للتقدم نفسه؟

في ظل سباق الروبوتات والذكاء الصناعي المتسارع، نتساءل عن مستقبل الإنسان وعلاقته بالتكنولوجيا.

بينما يسعى الكثير لتسخير قوة الآلة لتحسين حياتنا اليومية وحل مشاكل العالم الكبرى، يلوح شبح الاعتماد المفرط والاستغلال الخفي.

قد نشهد قريبًا عالمًا حيث يكون القرار ليس ملكًا لنا، بل خوارزميّة دقيقة تقيس النتائج وتختار الأكثر ربحية وفعاليّة.

.

.

لكن ماذا عن قيمنا الإنسانية؟

وماذا عن الحق في الاختلاف والاختيار الحر؟

لا شك أنّ الذكاء الاصطناعي سيغيّر مفهوم الشغل وسوق العمل كما نعرفه الآن، وقد يؤدي إلى تآكل الوظائف الروتينيّة، لكنّه قد يتحوّل أيضا إلى عقبة أمام النمو الشخصي والإنجاز الفردي.

فنحن لا نتعلم فحسب حين نقوم بمهام سهلة ومتكررة، وإنما عبر تجاوز الصعوبات والتحديات التي تواجهنا يوميًا والتي تشكل جزء أساسيا من تجربتنا الإنسانية الفريدة.

ثم هناك المسألة الأخلاقية الحاسمة المتعلقة بمصدر المعرفة ذاتها.

فعندما تستند قرارات مصيريّة لقواعد بيانات وبرامج كمبيوتر، هل ستظل أخلاقيتنا مبنية على الرحمة والعطف والحكمة الإلهية أم أنها ستصبح مجرد معادلات رياضيّة باردة وجافة؟

وفي مجال التعليم، بينما توفر ثورتنا التقنيّة طرق مبتكرة للتعلّم مدى الحياة وفي أي زمان ومكان، فإن خطر الانعزال خلف الشاشة بات واضحا للغاية.

فالطلاب الذين ينقطعون عن زملائهم ويستبدلون التجربة المدرسيّة بتجارب افتراضيّة يفقدون فرصة تطوير مهارات اجتماعيّة مهمّة ويعيشون حالة اغتراب نفسي خطيرة تهدد هويتهم وانتماءتهم المجتمعيّة.

وبالتالي، علينا التأكد من عدم السماح لهذه الوسائل الجديدة بتقويض روابطنا الاجتماعيّة الأساسيّة واحتضان مفهوم الشبكة العنكبوتيّة العالمي كتوسيع جغرافي لعالمنا المادي وليس بديلا عنه كليا.

بالإضافة لذلك، يجب ألّا نجعل هذه التطورات العلمية تؤثر سلبيًا على خصوصيتنا الشخصية وعلى حرية اتخاذ القرارت المصيرية بالنسبة إلينا وإلى مجتمعاتنا المحلية والدولية كذلك.

وفي نهاية المطاف، تبقى السؤال الرئيسي هو التالي:"كيف سنحافظ على بشرتنا وتعاطفنا تجاه الآخرين عندما يتم اتخاذ معظم القرارات نيابة عنا بواسطة آلات باردة القلب؟

".

إنه سؤال يستحق اهتمام الجميع لأنه يتعلق ببقاء النوع البشري وطبيعته الخاصة به.

#رغم #الآخر #فسوف #مستعدون