الحقيقة أن العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا قد تجاوزت مرحلة "الإدارة" إلى درجة أصبحت فيها جزءًا عضويًا منا؛ فهي ليست مجرد أداة مساعدة بل باتت تملي نمط حياتنا اليومية وتؤثر حتى في طريقة تفكيرنا واتخاذ القرارات.

فلنعدل السؤال قليلا: هل يمكن اعتبار تكنولوجيا المعلومات الحديثة شكلاً متطورًا من التعاون البشري العالمي؟

حيث يتم تبادل المعرفة والخبرة والمعلومات بسرعة فائقة وبدون حدود مكانية وزمانية كما نشهد في شبكة الإنترنت العالمية والتي تعد مثالا بارزا لهذا النوع الجديد من الترابط الاجتماعي والإنساني.

وبالتالي فإن الأمر يتعلق بإعادة النظر في مفهومنا للأدوات التقنية باعتبار أنها امتداد لعقولنا وقدراتها وليست غزوًا عليها.

ومن هذا المنطلق أيضا، ينبغي إعادة تقييم سياسات الشركات وممارسات أماكن العمل بحيث تصبح أكثر توافقا مع احتياجات العاملين النفسية والجسدية.

فالتركيز يجب أن يتحول نحو خلق بيئة عمل داعمة للسعادة والرفاهية العامة للموظفين عوضا عن المطالبة بتكيُّفِ البشر مع ضغوط النظام الحالي.

وهنا يكمن التحدي الأساسي وهو تحقيق التوزان الصحيح بين النمو الاقتصادي ورضا الموارد البشرية الأساسية لتحقيق الإنتاجية المثلى لكلتا الجهتين.

وفي الجانب الآخر المتعلق بصحتنا البدنية والنفسية، يبدو التحول نحو الطب الوقائي والاستباقي خطوة مثمرة للغاية.

فهو يشجع الأفراد على الانتباه لأدق علامات الخطر واتخاذ إجراءات مبكرة قبل الوصول للحالات الحرجة.

ويتطلب ذلك زيادة مستوى الوعي المجتمعي بهذه المسائل الصحية المختلفة سواء تلك المرتبطة بالأزمات الطبية المفاجأة كالجلطات والسكتات الدماغية وغيرها من الاضطرابات العصبية الأخرى وكذلك الأمراض المزمنة الأخرى والتي تستوجب اهتماما خاصا ودوريا منتظمة للفحوصات المخبرية والشاملة للجسم بشكل عام.

إن الجمع بين هذين العالمين –الاقتصاد ونمط الحياة الشخصية– يتطلب فهماً عميقاً لطبيعة العلاقة الجديدة بين الإنسان والتكنولوجيا وبين الإنسان وبيئته العملية وما ينتج عنها من تأثير مباشر وغير مباشر على حالته الصحية العامة بما يشمله ذلك أيضاً من صحة ذهنية وجسدية وروحيَّة أيضًا.

1 Comentários