"إن التقدم التكنولوجي ليس ضماناً لاستدامة بيئة صحية ومستقبل مستقر لأبنائنا وأحفادنا".

هذا هو جوهر النقاش الذي يدور منذ فترة طويلة والذي يتناول دور التكنولوجيا في تشكيل مستقبل البشرية.

إن التقنية نفسها - سواء كانت تعليمية أم بيئية- ليست سوى وسيلة لتحقيق غايات أعلى.

فالإشكال اليوم لا يكمن فيما إذا كنا قادرين على ابتكار تقنيات متقدمة أو حتى استخدامها بكفاءة؛ بل يكمن في مدى فهمنا لطبيعتها ودورها وحجم مسؤوليتنا تجاه نتائجها الجانبية.

بالرغم من فوائد منصات التعليم الإلكتروني والتفاعل الرقمي في توسيع نطاق الفرص التعليمية وجعلها أكثر سلاسة وانسيابية، إلا أنها تبقى عرضة لنفس المخاطر الاجتماعية الموجودة أصلاً في المجتمع التقليدي غير الرقمي.

فقد تزيد الهوة بين الفقراء والأثرياء بشأن جودة الخدمة وكيفية الحصول عليها.

كما قد تؤدي أيضاً لإهمال جوانب مهمة من العملية التربوية كالجانب العاطفي وعمق العلاقات الإنسانية والتطور الأخلاقي والسلوكي للطالب وغيرها الكثير مما يحتاج للدعم البشري الشخصي.

وبالتالي، بدل التركيز الوحيد على توفير الأدوات التكنولوجية، ربما آن الآوان لأن نعطي المزيد من الاهتمام لكيفية دمج تلك الأدوات ضمن نظام تربوي شامل ومتوازن يسعى للنمو الشامل للإنسان وليس فقط نقل كم هائل من الحقائق والمعلومات إليه.

على نفس السياق، عندما يتعلق الأمر بمشاريع الطاقة الخضراء والحفاظ على البيئة باستخدام الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي مثلاً، غالباً ماتكون النتائج الأولية واعدة للغاية!

ومع ذلك، سرعان مالحلول الجزئية سوف تتلاشى أمام حجم الجشع والإستهلاك المفرط للبشر والتي تعد أحد أهم دوافع تغير المناخ العالمي الحالي.

لذلك، بينما نسعى للتطور العلمي والصناعي، يجب علينا أيضا العمل جنبا الى جنب نحو اعادة هيكلية الحياة اليومية بحيث تتم بصورة أكثر انسجاماً مع الطبيعة وقدراتها.

حينذاك فقط سنضمن حقاً بأن جهودنا المبذولة بتطبيق التكنولوجيا الجديدة ستساهم فعليا وبشكل اكبر في خلق بيئة أفضل لنا جميعاً.

إن المستقبل الواعد مرتبط ارتباط وثيق بقيمنا الأساسية وارتباطنا العميق بالأرض وكل كائن حي فيها.

فلنجعل التقدم التكنولوجي عاملا مساعدا لنا في طريق الاستدامة وليس عقبة أخرى امام مسيرتنا نحو حياة أفضل.

#ففي