في عالم تتلاطم فيه الأمواج بين الواقع والمخيال، وبين الإنسان والآلة، وبين الماضي والحاضر، ظهر سؤال جديد يهدد كياننا الوجودي: هل نحن قادرون على التحكم في مصيرنا وسط هذا التحول الرقمي المتسارع؟

لقد فتح التطور الرقمي آفاقًا واسعة أمام التعليم، إلا أنها جاءت بتحديات كبيرة أيضًا.

فالتعلم عبر الشاشة قد يحرم الطالب من التجربة الحسية والمعرفية، ويجعله رهينة لمعلومات سطحية ومجزأة.

كما أن وسائل التواصل الاجتماعي تخلق فقاعات معرفية مغلقة، مما يؤثر سلبيًا على طريقة تفكيره وقدرته على النقد البناء.

وهنا يأتي دورنا كمربيين لتوجيه دفة السفينة نحو بر الأمان، مستفيدين من الإيجابيات التي توفرها التكنولوجيا، وفي الوقت ذاته محافظين على أصالة العملية التعليمية وترابط المجتمعات البشرية.

ومن ناحية أخرى، عندما ننظر بعمق في مفهوم السواك، وهو عادة نبيلة تحث عليها ديانتنا الإسلامية كرمز للطهارة والنظافة، نجد فيها رمزًا قويًا للهوية والقِيم الأخلاقية.

فلماذا لا نستعيد تلك العادات القديمة ونحولها إلى وسيلة للتعبير الثقافي والفني الحديث؟

لماذا لا نجعل منها منصة للإبداع والابتكار، بدلًا من كونها مجرد فعل روتيني يومي؟

ربما حينها سنرى جيلًا أكثر وعيًا بثقافة وتقاليد أمته، وأكثر ارتباطًا بجذوره التاريخية والحضارية.

ثم تأتي قضايا الذكاء الاصطناعي، والتي تشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقلاليتنا الفردية والجماعية.

فكما يقول المثل: «اقطع رأس المشكلة قبل أن تكبر»، علينا الآن تحديد حدود استخدام هذه التقنيات المتقدمة وضبط مساراتها بدقة متناهية.

فلا ينبغي لنا أن نسمح لأجهزة صنع القرار الآلي بأن تسلبتنا مقومات هويتنا وصنع قرارات مصيرية مكاننا.

فالحياة المعاصرة تحتاج إلى مزيج فريد من التكنولوجيا والإنسانية لتحقيق أعلى درجات النجاح والسعادة البشرية.

لذلك دعونا نصوغ قانونًا أخلاقيًا جديدًا لهذا العالم الجديد، ونضمن حقوق الأجيال القادمة فيما يتعلق باستعمال مثل هذة الأدوات المؤثرة للغاية.

باختصار، سواء كنا نتحدث عن التعليم أو الثقافة أو حتى السياسة العالمية، يجب ألّا نترك زمام الأمور للقوى الخارجية مهما كانت قوتها وتأثيراتها.

فلدينا جميع المقومات لصناعة مستقبل يليق بالإنسان وبقيم الحضارة الإنسانية جمعاء.

فإلى أي حد ستتحكم أنت/أنتِ بخيوط اللعبة؟

إليكم