النقد الذاتي التكنولوجي: إعادة تعريف العلاقة الإنسانية

بالرغم من التقدم الثوري الذي حققه الذكاء الاصطناعي، فإن تكامله الدقيق مع قيمنا الإنسانية والحفاظ عليها أمر ضروري.

نحن بحاجة إلى الاعتراف بتأثيره المحتمل على هُويتنا الثقافية والفردية.

فالذكاء الاصطناعي—وعلى الرغم مما يتميز به من القدرة على تحليل وتمييز المعرفة—لا يستطيع إدراك المشاعر والمعاني الإنسانية بطريقة كاملة وجوهرية.

وعندما ينتشر استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات مثل الرعاية الصحية أو التعليم، فقد يؤثر على طريقة رؤيتنا لأنفسنا ومنظور الآخرين إلينا.

فعند توظيف الإصدار الأولي للذكاء الاصطناعي كمساعد تشخيصي طبي، قد نقوم باستبعاد جوانب جوهرية يشعر فيها المرضى بالأمان أو يفصحون عن مخاوفهم وأمالهم الشخصية بكل صدق وحميمية أثناء جلسات التشخيص التقليدية.

إذ يُفترض أن هذه العناصر "البشرية" تلعب دوراً أساسياً في التعافي النفسي والعاطفي بعد مرحلة التشخيص والإرشاد الطبي.

وبالمثل، عندما تُستخدم الخوارزميات لتحليل القصص الأدبية والفنون الأخرى ذات المتطلبات الجمالية المطلوبة، فهي لن تستطع فهماً للعناصر النفسية والسياقية التي تعبر عبر مثل تلك الأعمال الفنية.

لذلك، بدلاً من اعتبار الذكاء الاصطناعي منافساً أخاذٍ للقيمة الفريدة للفنانين والبشر عامة، فعلينا النظر إليه كتوسيع وخلق فرصة أكثر شمولا للاستمتاع بالإبداع الانساني .

ولهذا السبب تجدر الإشارة هنا مرة أخرى لأهمية ترسيخ ومعايير إرشادية محكمة وقوانين صارمة للحماية والخصوصية الرقمية لكل شخص .

فالبيانات الشخصية ليست مجرد معلومات رقمية، أنها تعكس هويتنا واستقلاليانا ومكانتنا الانتماءية ضمن نواحي اجتماعية وثقافية مختلفة.

وبالتالي فان تنفيذ سياسات احترازات تساعد علي حفظ وتعزيز الحقوق الأساسية لفرادينا مهم للغاية خاصة حين دمج الذكاء الاصطناعي في مجالات حساسة كالخدمات الطبية والدوائية والاستشارات القانونية والصرف المصرفي وغيرها الكثير ممَّا قد تؤثر جميعها بشدة علي حياة الناس اليومية وعلاقاتهم الحميمة الغاية منها رعايتها واحترامها وليس تقويضها واستلاب رونق حضارتنا وهويتنا الشرقية الأصيلة.