1- لا يزال القول بجريان ربا البيوع في الأوراق النقدية محل إشكال عند بعض الباحثين، ووردتني رسائل متعلقة بذلك؛ بعضها أسئلة، وبعضها مناقشة.
فرأيت أن أشارك في تجلية هذه المسألة؛ بما أرجو أن يكون كاشفا لما يثار حولها من إشكالات.
2- وربما تجاوز بعضهم التحرير العلمي إلى التشنيع على القائلين بذلك، والحط من أقدارهم، واتهامهم بتهم لا تليق!
وهذا التصرف -مع مخالفته للأدب الواجب- يعكس الضعف العلمي لصاحبه، وعدم تمييزه بين ما يحتمل الخلاف، وما لا يحتمله.
3- بدايةً: يحسن التنبيه على أن ربا الديون يجري في الأوراق النقدية بلا خلاف، كما يجري فيما عداها، فيحرم الزيادة على الدين الثابت في الذمة؛ إذا كانت الزيادة مشروطة على المدين، أو جرى العرف بها.
وإنما وقع الخلاف في حكم جريان ربا البيوع في الأرواق النقدية.
4- ولا يخلو أن يكون جريان ربا الفضل في الذهب والفضة حكما معللا، أو غير معلل:
فأما القول بأنه حكم غير معلل؛ فيشكل عليه:
أن الأصل في أحكام المعاملات التعليل، ثم إن الشارع الحكيم لا يمكن أن يحرم تصرفا، ويبيح تصرفا آخر مثله في المفسدة!
5- بقي أن يقال: بأن هذا الحكم معلل.
وهذا هو الصحيح؛ وهو الذي عليه عامة أهل العلم قديما وحديثا.
وينحصر النظر حينئذٍ في تحديد العلة التي لأجلها جرى ربا الفضل في الذهب والفضة، ثم النظر في تحقق تلك العلة في الأوراق النقدية.
أي: النظر في تخريج المناط، وتحقيقه.