- صاحب المنشور: عبد العالي الفهري
ملخص النقاش:
في عصر الاقتصاد الرقمي المتزايد التعقيد، يزداد الجدل حول مدى كفاءة النظام التعليمي الحالي لتحقيق هدف توظيف الشباب. فهل ينبغي على مؤسسات التعليم العالي التركيز أكثر على توفير مهارات عملية قابلة للتطبيق مباشرة في سوق العمل أم أنها تقوم بدورها بتقديم معرفة أكاديمية شاملة تؤهّل الطلاب لمرحلة الدراسات العليا وبالتالي للبحث العلمي؟ هذا المقال يستكشف هذه القضية المعقدة ويحلل آراء الخبراء والممارسين في مجال التعليم والتأهيل المهني.
وجهة النظر الأولى: التركيز على المهارات العملية
تؤكد العديد من الأصوات داخل قطاع الأعمال والاقتصاد أنه أصبح هناك حاجة أكبر للمهارات الخاصة بالمجالات التقنية والإدارة الحديثة التي يمكن تطبيقها بشكل مباشر بعد التخرج. يدافع هؤلاء عن زيادة الدورات التدريبية العمليّة المكثفة خلال سنوات الدراسة الجامعية، مثل البرامج المشتركة بين القطاع الأكاديمي والشركات الناشئة أو حتى برنامج "العمل أثناء الدراسة". وفقًا لهذه الفكرة، فإن وجود خلفية تعليمية جامعية واسعة قد تكون غير كافية لتلبية متطلبات السوق المباشرة وقد تتسبب في نوع جديد من البطالة المعرفية حيث يتمتع خريجو الكليات بدرجة عالية من المؤهلات الأكاديمية ولكنهم غير قادرين على استيعاب وظائف تحتاج إلى خبرة محددة.
الوجه الآخر: أهمية المعرفة الشاملة
من الجانب الآخر، يشير البعض إلى ضرورة الحفاظ على الطبيعة العامة والعلمانية للدراسات الجامعية. إن تقديم مجموعة متنوعة من المواضيع الأساسية ضمن خطط المناهج الدراسية يساعد الطالب في تطوير فهم شامل للعالم وفي بناء قاعدة معرفية قوية تلبي احتياجات البحث والابتكار المستقبلي. كما يؤكد مؤيدو هذا المنظور على دور المؤسسات الأكاديمية في نقل الثقافة والمعارف القديمة وتنقيح مفاهيم جديدة منها، وهذا يلعب دوراً أساسياً في تشكيل مجتمع مثقف ومستنير. بالإضافة لذلك، يعترف بأن التحول نحو عالم عمل قائم على الذكاء الاصطناعي والروبوتات يعني أيضاً تحولات كبيرة في الأدوار الوظيفية نفسها؛ مما يتطلب إعادة توزيع للقوى العاملة وليس مجرد منح أعضاء جدد لمجموعات مختلفة لها نفس الاحتياجات التقليدية.
التكامل الأمثل
ربما يكمن الحل الأكثر واقعية في نهج هجين يجمع بين جانبي الاستراتيجيتين السابق ذكرهما. يتضمن ذلك تصميم مقرر دراسي يسمح بالتخصص المبكر مع ضمان الحصول أيضًا على بعض الحقائق والأساليب العالمية لكل طالب. علاوة على ذلك، يمكن توسيع نطاق فرص التصديق المعتمدة من قبل الصناعة لمساعدة الخريجين المحتملين الذين يرغبون بمزيدٍ من التأهيل الضيق المتعلق بسوق عملهم المقبل. ولا ينبغي لنا أن نتجاهل أيضا دور التوعية وخدمات الإرشاد الذي تقدمه المدارس والكليات والتي تساعد طلابها على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مسار حياتهم المهنية منذ وقت مبكر نسبيا.
وفي الختام، بينما تستمر الأولويات الاجتماعية والاقتصادية في التغير بسرعات غير مسبوقة نتيجة للتكنولوجيا الجديدة وتفشي جائحة كورونا العالمي الأخير، سيكون أمام المجتمع مسؤوليات ملحة لإعادة النظر باستمرار في كيفية دعم شبابه للحصول على أفضل الفرص الممكنة لهؤلاء الأفراد وللقوى العاملة الشاملة كذلك. ومن المحتم أن يبقى موضوع التوازن المثالي بين التعليم الجامعي وتحضيرات التوظيف محور نقاش حيوي وملتهب لسنوات قادمة قادمة.