من الشبهات الدينية التي يُلبّس بها المكورون هي شبهتهم في معنى "قرار" ، فيزعمون أن الشيء إذا جاء وصفه بأنه "قرار" في القرآن ، فإن ذلك لا يعني أنه لا يتحرك و ينتقل من مكانه و يزول عنه إلى مكان آخر .
و يجعلون دليلهم على هذه الشبهة من القرآن نفسه ، و هو قوله تعالى :
{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } ، فهم يقولون أن نطفة الإنسان تكون في رحم المرأة ، و قد وصف الله تعالى رحم المرأة بأنه قرار مكين ، و مع ذلك فالرحم ينتقل مع المرأة من مكان إلى مكان حيثما حلّت و ارتحلت المرأة ،
و بناءً على ذلك ليس للمسطحين حجة في استدلالهم بكلام الله في وصف الأرض بأنها قرار ،فالقرار لا يلزم منه أن يكون ساكن في مكان واحد لا يزول عنه و لا ينتقل منه ،و إنما المقصود أنه بالرغم من حركته و انتقاله يبقى ثابت بالنسبة للذي فيه و لا يشعر بشيء.
فهذا مجمل ما يقولونه في تلك الشبهة.
و الرد عليهم من جهات ، أكتفي باثنتين :
الأولى / أن الله تعالى كما وصف الأرض بأنها قرار ، فهو سبحانه أخبرنا أيضاً بأنها لا تزول ، و اللفظ جاء في سياق عموم و إطلاق ، و ذلك يعني أنه يشمل كل معنى للزوال ، سواءً الزوال من الوجود الذي بمعنى الفناء ،
أو الزوال من المكان الذي وضعها الله تعالى فيه و الإنتقال منه إلى أماكن أخرى ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَ لَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } ، قال عبد الله بن مسعود