- صاحب المنشور: خولة بن موسى
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي حيث يتزايد الاعتماد على العلم والتكنولوجيا بشكل متسارع، يبرز سؤال مهم حول علاقة هذا التقدم بالمعتقدات الدينية. هل يشكل تقدم العلوم تحدياً لأسس العقيدة الإسلامية، أو يمكن اعتبارها كوسيلة لفهم خلق الله وتعميق إيمان الأفراد؟ هذه هي جوهر نقاش "الدين والعلوم"، وهو موضوع يحمل الكثير من الجدل والمناقشة بين المسلمين والعرب خاصة.
يؤكد الإسلام قيمة المعرفة والثقافة البشرية ويحث عليها. القرآن الكريم يدعو إلى التفكر والاستدلال (`فَلْيَنظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ` - العلق:٥٦) وهذا ما يُعتبر أساساً لاستكشاف العالم الطبيعي وفهمه استناداً إلى طرق البحث العلمي التجريبي. لذا فإن تعارض العلوم مع الأسس العقائدية ليس واردًا طالما يتم استخدام نتائج العلم بطرق تتوافق مع القيم الأخلاقية والإسلامية.
على سبيل المثال، تُظهر الاكتشافات الحديثة في علم الأحياء تطورات مثيرة بشأن كيفية تكوين الحياة وكيف تعمل الخلايا، مما يعزز فهم الإنسان لكيفية تفكير وخلق الله عز وجل. ولكن، هناك أيضًا حالات قد تبدو فيها بعض الاكتشافات العلمية مثل نظرية التطور، وذلك لأن تأويلها غالبًا يعتمد على منظور الشخص والإطار المفاهيمي الذي يعمل ضمنه. هنا يأتي دور الشورى الفقهية لترشيد التأويلات بناءً على الإجماع الإسلامي وقضايا اجتماعية وثقافية محلية.
بالإضافة لذلك، يتطلب الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي والأتمتة اهتمامًا خاصًا فيما يتعلق بالأخلاقيات والدساتير القانونية للمواطنين المسلميين. كيف نضمن أن هذه التكنولوجيات الجديدة تحترم حقوق الإنسان والقيم الدينية بينما تستمر بتقديم حلول عملية للبشرية جمعاء؟
في النهاية، يجب النظر إلى ديناميكية "الدين والعلوم" باعتبارها فرصة للتكامل وليس المواجهة والصراع. عندما يستطيع المسلمون توظيف معرفتهم العلمية لتكثيف معرفتهم بالعالم من حولهم واستخدام ذلك لتحقيق الأهداف الدينية مثل خدمة المجتمع البشري، حينها سنرى حقا تقارب حقيقيّ بين الدين والعلوم.