عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعي، المعروف أيضاً بابن لبيد وأبي نجيد. هذا الصحابي الجليل ولد ونشأ وسط القبائل العربية الشهيرة التي تعيش قرب مكة المكرمة. أسلم في العام السابع للهجرة النبوية الشريفة، وتحديداً بعد غزوة خيبر، وذلك تحت ظل دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم للإسلام.
يتضح التأثير الكبير للنبوءات القرآنية والتوجيه الروحي للشخصيات الدينية المؤثرة في تاريخ عمران المسلم. فقد كان اجتماعه مع بعض الأعراب الذين كانوا يستنكرون تشخيص الآلهة غير الحق، قد أدى مباشرة إلى نقاش عميق حول طبيعة الوحدانية والإلوهية. تميز حديث النبي محمد بالوضوح والقوة مما جعل عمران يفهم بسرعة الأسباب المنطقية وراء اعتناق الإسلام. يروى أنه فور إدراكه لهذه الحقيقة، أسلم بشكل مباشر وقال كلمات التعبد الأولى التي علمه إياها الرسول الكريم والتي تضمنت طلب التوجيه والعلم النافع.
كانت أخلاق عمران وتمسكه بالإيمان واضحاً لكل من عرفوه. لقد برع في الالتزام بتعاليم دينه وقدم حياته مثالاً للتقشف والتحكم بالنفس والصبر. وقد عرفه سكان البصرة -حيث بلغ تأميره هناك مستويات عالية جدا- بأنه رجل صالح ورع يحترم عرضه ويخشى الله حق خشية عباده المتقين.
وفي الوقت الذي اشتدت فيه الفتنة بين المسلمين خلال فترة خلافة علي بن أبي طالب، حافظ عمران على حياديته ومواقفه الإنسانية القوية داعياً الجميع للتوقف عن سفك الدماء وإرساء السلام. وهذا الانسانية والبصيرة التي يتمتع بها تعد جزءاً أساسياً من وصفه بأنه شبيه الملائكة؛ فهو الإنسان الذي يرى الخير وينشر الحب والسلم بغض النظر عن الظروف المضطربة.
وعلى الرغم من مرضه الطويل والمعاناة اليومية التي استمرت حوالي الثلاث عقود، ظل إيمان عمران ثابتاً ولم تهتز عزيمته مطلقاً. وفي لحظاته الأخيرة، قدم توصيات خاصة تتعلق بجنازته وتشييع جثمانه بما يعكس تقديس وتعظيم للحياة والأخلاق الإسلامية الراسخة لديه. انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد حياة مليئة بالأعمال الصالحة والكرامات الربانية الفاضلة سنة اثنين وخمسين هجرية الموافق لها سنتين وستائة وستمائة ميلادية. إنه أحد الشخصيات الثابتة في كتب التاريخ الإسلامي والعمل الجاد والدائم لنشر رسالة الرحمة والخير عبر القرون.