الصوم عبادة عظيمة تُعدّ من أجَلّ العبادات وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى، وقد حثنا رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم على اغتنام كل فرصة لصيام أيام الخير. ومن بين تلك الأيام المباركة التي أكد عليها الدين الإسلامي هو "صيام يومٍ في سبيل الله". هذا اليوم ليس مجرد يَوم روتيني آخر في السنة، بل هو باب رحمة ومغفرة واسع مفتوح أمام المؤمنين الراغبين في التقرب أكثر إلى الخالق الجبار.
الصيام عبادة ذات ثواب عظيم ومكانة رفيعة لدى الرب جل وعلى، فقد ورد في الحديث النبوي الشريف أنه "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به" (رواه البخاري). هذه العبادة الفريدة تميز المسلم الحقيقي وتُظهر صدقه وإخلاصه لله الواحد الأحد. عندما يصوم المرء يوماً واحداً ابتغاء مرضاته، فإن جزاؤه عند الله الكبير المتعال يكون كبيرًا أيضًا. يقول الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض أحدكم أو سافر فله مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما" (رواه مسلم). وبالتالي، حتى لو كانت حالة الشخص الصحية تستوجب عدم القدرة على أداء بعض الأعمال الدينية كاملةً، فإن الله يكافئه بنفس الدرجة التي كافأ بها أولئك الذين يؤدونها بشكل طبيعي.
فضل صيام يوم واحد في سبيل الله يمتد ليشمل العديد من المنافع الأخرى غير الروحية فقط؛ فهو يساعد الإنسان على التحكم بمزاجه وغضبه ويجعله أقل قابلية للانفعال والعصبية بسبب قمع شهوات النفس والجسد. كما يعود بالنتائج الحميدة على الصحة العامة للجسم والنفس معاً. بالإضافة لذلك، يعدّ الصيام وسيلة للتطهير والتجديد الداخلي للمسلمين وهو شبيه بغسل الأحمال الثقيلة من هموم القلب أثناء فترة الصيام. إن هذا العمل الطاهر يبقي للقلب نوراً ونقاءً ويحسن الأخلاق والسلوكيات نحو الآخرين مما يعكس صورة جمالية للإسلام والحياة الإسلامية المثلى.
وفي نهاية المطاف، يجدر بنا النظر فيما وعد به الرحمن الرحيم لمن يفطر بعد صومه اقتداء بسنة نبيه الكريم. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... وأن لكل عمل حسنة وعمل سيئة، فمن أخذ بحسنته ترك سيئته»(رواه الترمذي). وهذا يعني أن الصائم حين يحافظ على إيمانه ويبتعد عن ارتكاب العقوبات والمعاصي خلال شهر رمضان وما بعده يسقط بذلك ذنوبه وكل المعاصي الصغيرة المرتكبة سابقاً. وهذه نعمة كبيرة حققتها سنة النبي المصطفى والتي تشجع المسلمين دوماً على طلب المغفرة من خالق الأكوان والاستمرار بتقديم أعمال البر والخير طوال العام وليست فقط خلال الشهر الفضيل! إنها دعوة للسعادة الدائمة للأبد والتي ستكون مكافأة لأوفياء العباد المقربين إليه تعالى.
ختاماً، فلنجدد العزم ونعمل بصبر وثبات لنحقق رضا رب العالمين وصلاح حال نفوسنا وشكر نعمه الغزيرة علينا جميعاً انطلاقاً من قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" يا بني امية ، اصبروا ، فان لكم عند الله وعدا ".