كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قدوة في التعامل مع جميع الناس، بما في ذلك المنافقين. فقد كان يعاملهم بما يناسب الموقف، مستندًا إلى تعاليم الإسلام وأخلاقياته. ففي حين أن الشدة والإغلاظ قد تكون ضرورية في بعض الأحيان، خاصة عند مواجهة الكفار والمنافقين الذين يقاتلون المسلمين، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على الرفق واللين في التعامل معهم في غير أوقات القتال.
يذكر القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبتسم في وجوه الناس ويخالقهم بالتي هي أحسن، كما جاء في حديث الموطأ: "إن الله بعثني لأتمم حسن الأخلاق". وكان لا يمنعه من المخالقة الحسنة ولين القول للناس كونهم غير مرضيين أخلاقيا أو دينيا، فقد ذكرت أم المؤمنين عائشة: أنه استاذن عليه رجل فقال: ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له في القول، فقال: أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه. متفق عليه.
ومع ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشتد على المنافقين عند الحاجة عملاً بما شرع له في ذلك، لقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة" [التوبة:123]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشتد عليهم عند الحاجة عملاً بما شرع له في ذلك، كقوله تعالى: "قل أغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون" [الزمر:64].
ومن المهم أن نلاحظ أن النفاق نوعان: أكبر وأصغر. النفاق الأكبر هو المخرج من الملة وهو الذي له تعلق بالاعتقاد كأن يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو أن يأتي الشخص مكفراً من المكفرات كاستهزائه بالشريعة أو استهزائه بالرسول صلى الله عليه وسلم أو استهزائه بالصحابة رضي الله عنهم فهذا نفاق أكبر يخرج صاحبه من دين الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم. أما النفاق الأصغر فهو لا يخرج صاحبه عن الملة ويسمى نفاقاً عملياً ومما يستشهد به لهذا النوع حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وقال إني مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) متفق عليه.
في الختام، يمكننا أن نستخلص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل المنافقين بما يناسب الموقف، مستندًا إلى تعاليم الإسلام وأخلاقياته. ففي حين أن الشدة والإغلاظ قد تكون ضرورية في بعض الأحيان، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على الرفق واللين في التعامل معهم في غير أوقات القتال.