الرضا بالقضاء والقدر وجهود الإنسان

إنَّ الرضا بما قسمَهُ الله عز وجلّ يُعدُّ إحدى أهم القيم الروحية والإيمانية التي حث عليها الإسلام منذ عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فهو دع

إنَّ الرضا بما قسمَهُ الله عز وجلّ يُعدُّ إحدى أهم القيم الروحية والإيمانية التي حث عليها الإسلام منذ عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. فهو دعوة لإدراك حقيقة مؤداها أن كل ما يحدث فى الحياة مقسوم ومكتوب عند الخالق القدير، وبالتالي لا يمكن تغيير ذلك إلا بإذنه جل وعلا. وقد ورد الأمر بذلك ضمن العديد من الأدعية والأحاديث النبوية الشريفة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:'راض بما قسمت لك تكن أغنى الناس'. وهذه الفكرة تشير إلى ضرورة تركيز الانتباه نحو نعم الله الظاهرة والخفية بدلاً من الانشغال بالمقارنة مع الآخرين الذين لديهم المزيد مما لدينا. فالدنيا حقيرة بكل ما فيها وستكون كذلك بغض النظر عن مقدار ثروتنا أو صحتنا أو رفاهيتنا الشخصية. لذلك، عندما نواجه تحديات ونكسات خلال حياتنا، يجب علينا التعامل بحكمة وشكر لنعم الله الدائمة عوض البحث عن التغيير خارج سيطرته الإلهية المقدسة.

ومن أجل الوصول لهذه الحالة النفسية المتوازنة والسليمة بشكل مستدام، هناك عدة خطوات عملية يمكن اتخاذها منها:

1- الاعتراف بأن مصائر الأفراد ومواعيدها مكتوبة لدى الرب الرحمان الرحيم وحده والذي يسهر على رزقه لعباده ويعطي لكل نفس قدر علمه بها وخبرها عنها سابقاً.

2- إدراك عمق المعاني الغنية للسعادة الحقيقية والتي تكمن داخل ذات المرء وليس متعلقة بتراكم الثروات المالية فقط. إن القناعة والرضا هما المفتاح لتحقيق حالة الاستقرار النفسي الداخلي والسعادة القلبية المستمدة مباشرة من رحمة خالق البشرية الواسع القدر والمحيط بكل صغيرة وكبيرة موجودة الآن أو قادمة بعد حين.

3- تنظيم طريقة تفكير الفرد وتوجه نظرته للخارج باتجاه أولئك المحاطون بنعم أكثر ندرة منهم بكثير مما يمتلك الشخص نفسه ليقاوم نزعات المقارنات الضارة التي تؤدي غالباً للاكتئاب والشعور بفقدان تقدير الذات.

4- طلب البركة في عطاياهم اليومية والحصول على مصدر رزق طاهر سواء كانت طائلة أم محدودة حسب قواعد المنطق القرآني والفقهي بشأن الطرق المشروعة للحصول علي موارد الحياة المختلفة كالبيع والشراء وغيرهما بالإضافة إلي العمل الجاد المبني علی أسس الأخلاق الإسلامية الحميدة.

وفي النهاية يؤكد الدين الاسلامي أهميتها القصوي لمفهوم رضا المرء بالقضاء والقدر الرباني لما فيه خيرانه دنوياً دينياً. إذ إنه مدعاة للاستقامة والصبر أمام اختباراته الزمنية المختلفه فهي طريق التأهل للمجد والثواب الاخرويين أيضاً كما أخبر القرآن الكريم بقوله "وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما".


الفقيه أبو محمد

17997 블로그 게시물

코멘트