هو أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل، أحد أشهر علماء القرن الخامس الهجري. ولد سنة أربعمائة وثلاث عشرة هجرية وتوفي سنة خمسمائة وثلاثة عشر هجرية. اشتهر بموقعه الريادي بين فقهاء الحنابلة وكان معروفًا باسم "شيخ الحنابلة". من أبرز أعماله كتاب "فنون"، والذي يعدّ الأكبر والأوسع انتشارًا في تاريخ الأدب العربي والإسلامي، ويتكون الكتاب الضخم هذا من حوالي أربعمائة مجلد يحتوي على علوم متعددة مثل الفقه والشعر واللغة والنحو والفلك والطب وغيرها الكثير.
تلقى ابن عقيل تعليمه في مختلف العلوم الدينية والثقافية على يد العديد من مشايخ عصره، بما في ذلك القاضي أبي يعلى في الفقه وعلي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان في علم الكلام. امتاز بثراء معرفته وغزارة ثقافته، مما جعله شخصية بارزة خلال حياته. وقد وصف بأنه لم يكن له مثيل في زمانه بسبب عبقريته وشخصيته الرائعة وكاريزمته الواضحة. حتى أنه اشتهر بقدرته على مخاطبة الجماهير بإقناع شديد مدعوم بقوة حججه ومنطقها المحكم. بالإضافة إلى ذكائه الفطري وعلمه واسع النطاق، عرف أيضا بشخصيته الكريم والكريم، فتذكر المصادر التاريخية أنه رغم شهرته ومساهماته العديدة في المجتمع، ترك عند وفاته إلا ثوبه وملحقاته الشخصية وكتبه فقط. وكان تشييع جثمانه مذهلاً حقاً، إذ يقول البعض إنه شهد حضور ثلاثة آلاف شخص تقريبًا لتقديم التعازي.
إن اتباع ابن عقيل لعادات العمل المثابر والتزام الجدية في اعتباره للوقت يكشف جانباً آخر مهم من سمات شخصيته العملية. فهو يؤمن بأن الحياة قصيرة للغاية لدرجة أنها تستحق الاستثمار بشكل جيد ولذلك ظل محافظاً على جدول مكثف مليء بالنشاط الثقافي والعلمي طوال سنوات شبابه واستمراره حتى الشيخوخة. وفي الواقع، برز اهتمامه الخاص بأهمية الزمن عندما اختار تناول الطعام بسرعة لإعادة توجيه قدر صغير لكن مؤثر من الطاقة نحو الأنشطة الإنتاجية الأخرى. ومن هنا نرى كيف أصبح نمطه الشخصي للسلوك وسلوكياته اليومية جزء أساسي من تراثه المستدام عبر التاريخ الإسلامي.
