العمل التطوعي في حياة الصحابة: نموذج يحتذى به في الإيثار والبذل

لقد كان العمل التطوعي جزءًا أساسيًا من حياة الصحابة الكرام، الذين اقتدوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في إيثارهم وإتقانهم لأنواع مختلفة من الأعمال ا

لقد كان العمل التطوعي جزءًا أساسيًا من حياة الصحابة الكرام، الذين اقتدوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في إيثارهم وإتقانهم لأنواع مختلفة من الأعمال التطوعية. لقد وضعوا الأمثلة الرائدة في مساعدة الفقراء والمحتاجين، حتى إنهم قدّموا حياتهم وممتلكاتهم من أجل الخير العام.

على سبيل المثال، حين طلب بعض الناس من النبي صلى الله عليه وسلم إرسال تعليميين لتلقينهم الدين، اختار سبعة عشر رجلًا من الأنصار ليصطحبوهم ويعلموهم القرآن الكريم وفي الوقت نفسه يساهمون في جمع الحطب وجلب الماء، مما يدل على توازن الحياة العملية والدينية لديهم. هذا النوع من الزهد والكرم تجلى أيضًا في حياة جعفر بن أبي طالب - أبو المساكين كما عرف -, الذي استخدم ممتلكاته الشخصية لإغاثة الفقراء بدون انتظار جزاءٍ أو مكافأة.

ومن أشهر نماذج التطوع الاقتصادي لدى الصحابة عبد الرحمن بن عوف، الذي تنازل عن ثروة هائلة قدرها أربعون ألف دينار ذهبية لمصلحة المجتمع، بالإضافة إلى تخصيصه مبلغ كبير آخر لحالات الضعف بين المهاجرين وأمهات المؤمنين. طلحة بن عبيدالله أيضًا أفنى كل دخله العقاري عند حلوله بالمدينة المنورة وذلك لمساعدة المستحقين منه.

وفي مجال الخدمة الطبية والفنية، برزت شخصيات بارزة مثل رفيدة الأنصارية، أول امرأة تعمل كممرضة محترفة في تاريخ الإسلام؛ وقد وهبت ذاتها لرعاية المصابين والجرحى أثناء الحملات والحروب. أما بالنسبة لأخذ زمام المبادرة أثناء الفترات الحرجة، فإن دور أسماء بنت أبي بكر الصديق وعائشة أم المؤمنين وغيرهما من النساء الفاضلات يستحق الثناء؛ حيث تحمل الأسماء سنابل القمح والأغذية الضرورية للنبي ولصحابته مخفية هروبا من الأعداء بجبال ثور شمال مدينة مكة المكرمة حالئذ.

هذه مجرد أمثلة قليلة ولكنها تكشف مدى العمق الروحي والإخلاص الإنساني المتقدم الذي امتلكوه هؤلاء الرجال والنساء الأوائل للإسلام. إنها بلا شك تدعونا للحفاظ والاستمرار بهذا الطريق نحو مجتمع أكثر تسامحاً واستعداد للتضحية لصالح الآخرين بغض النظر عن خلفية الشخص الاجتماعية أو الدينية.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات