الاستفهام في القرآن الكريم هو أحد الأساليب الإنشائية التي تحمل معاني مجازية قوية، حيث يخرج عن معناه الأصلي في كثير من الأحيان ليؤدي وظائف مختلفة. يمكن تقسيم الاستفهام في القرآن إلى عدة أنواع بناءً على أدواته ووظائفه.
أولاً، هناك الاستفهام الحقيقي الذي يهدف إلى طلب الإفهام والإعلام، وهو ما يصدر عن الله تعالى في بعض المواضع، مثل قوله تعالى: "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ" (الشرح: 1). وفي هذه الحالة، يكون المعنى المجازي هو إظهار فضل الله وتكريمه لمحمد صلى الله عليه وسلم.
ثانياً، هناك الاستفهام المجازي الذي يخرج عن معناه الأصلي ليؤدي وظائف أخرى، مثل الإنكار والتقرير والتعجيز. ففي الإنكار، يستخدم الاستفهام لإنكار شيء ما، مثل قوله تعالى: "أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ" (الأنعام: 138)، والمعنى هنا هو التكذيب. وفي التقرير، يستخدم الاستفهام لإثبات شيء ما أو إثباته، مثل قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ" (فصلت: 12)، والمعنى هنا هو التعجيب.
ثالثاً، هناك الاستفهام التوبيخي الذي يستخدم لتهديد أو توبيخ المخاطب، مثل قوله تعالى: "أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي" (طه: 94)، والمعنى هنا هو التوبيخ.
رابعاً، هناك الاستفهام التعجيزي الذي يستخدم لإقامة الحجة على المخاطب، مثل قوله تعالى: "فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" (الشعراء: 16)، والمعنى هنا هو التعجيز.
خامساً، هناك الاستفهام الحثّي الذي يستخدم لتحفيز المخاطب على فعل شيء ما، مثل قوله تعالى: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" (القمر: 17)، والمعنى هنا هو الحث والترغيب.
سادساً، هناك الاستفهام الإنكاري الذي يستخدم لإنكار شيء ما أو نفيه، مثل قوله تعالى: "سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ" (يونس: 101)، والمعنى هنا هو التسوية.
هذه الأنواع المختلفة من الاستفهام في القرآن الكريم تظهر براعة بلاغية وتنوعاً في استخدام اللغة العربية لتحقيق أغراض مختلفة، مما يعكس عظمة القرآن الكريم وكماله.