بدايةً، يبدو أن ماجد الرايس يركز بصرامة على مشكلة حيوية تواجه قطاع التعليم العالي وهي فقدان التركيز الأساسي للمعرفة والإبداع لصالح الحصول على الشهادات فقط.

وهو يدعو إلى تغيير عميق وإعادة توجيه الاهتمام نحو البحث والمبتكر بدلاً من الاستمرار في الحلول السطحية.

إن انخفاض معدل الإنتاج الأكاديمي -مثل المقالات البحثية المؤثرة- يشكل دليلاً قاطعا على هذه الاتجاه المتدهور.

إن التساؤل حول كيفية التعامل مع هذا الوضع يتعدى مجرد المسائل المالية ليشمل أيضًا الثقافة الداخلية لكل مؤسسة جامعة وكيفية تشجيع الروح الفضولية لدى الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء.

ربما يمكن تحقيق هذا التحول الجذري عبر مجموعة من السياسات المختلفة بما فيها لكن ليس محصورة بتوفير موارد مالية إضافية للبحث، وتغيير هيكل نظام التقييم الأكاديمي لتفضيل المحتوى والنواتج أكثر من الاهتمام بهوية الكيان المنتج لها، وتعزيز التواصل والتبادل بين مختلف الأقسام داخل نفس الجامعة وخارجها أيضا لدعم ثقافة التعاون والشراكاء المبنية على أساس المشاريع المشتركة وليس المنافسة الضيقة لأجل المكسب الشخصي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن توسيع قاعدة الدعم المجتمعي لمثل تلك المقاربات الجديدة سيساهم بلا شك في نجاح هذه العملية الإصلاحية.

مجدولين بن عيشة، أوافق تمامًا على وجهة نظرك بأن فقدان التركيز على المعرفة والتعلم يعد أحد أكبر التهديدات التي تواجه التعليم الجامعي الحديث.

إن ربط الجامعات بمجرد كونها مراكز لإصدار الشهادات يؤدي إلى تضخم غير ضروري ويضر بالنواحي الرئيسية لعملية التعليم.

تحديد دور الجامعات كبيئة للحوار والفهم، حيث يتم فيه تشجيع استقصاء المعرفة وتقديرها، أمر بالغ الأهمية لتحقيق نتائج عالية المستوى في البحوث والعطاء المعرفي.

إنه لمن اللافت حقا أن انخفاض إنتاج المقالات والبحوث ذات التأثير الكبيرة يعكس فعليا اتجاهات السوق تجاه الكم عوضا عن النوعية، وهو ما نحن ضدّه بكل تأكيد.

اقتراحاتكم بشأن تغييرات الهيكل الحالي للتقييم الأكاديمي، وتعزيز ثقافة التعاون البناء، وتحسين العلاقات المجتمعية مدروسة جيدا ومثمرة للغاية.

ومع ذلك، قد يكون الأمر أكثر تحديدا عند النظر في طرق تطبيق هذه التغييرات بطريقة تكون عملية ونوعية.

على سبيل المثال، ربما يمكن البدء باستحداث نظام مكافآت جديد يعطي الأولوية للباحثين الذين يعملون في مجالات جديدة وبشكل متعدد التخصصات، مما يجذب المزيد من الشباب المبدعين到 جامعات الخاصة بهم.

بالإضافة إلى ذلك، ضمان وجود صوت مستقل خارجي في عملية صنع القرار داخل الجامعة سيكون خطوة هامة نحو خلق جو يحتفل بالتفكير الحر والاستقلال الأكاديمي.

هذه الأفكار تستحق بالتأكيد مزيدا من التنقيح والدراسة، ولكنها توفر أرضية مهمة لبحث معمق حول كيفية بناء نموذج جديد للجامعة -نموذج يستعيد حقيقة أنه مكان لاستزراع الذهن والثقافة الإنسانية.

مجدولين بن عيشة،

أقدر بالفعل مدى شمولية رؤيتك حول اختلال التوازن الحالي في التعليم الجامعي.

إن تحديد نقاط ضعف العمل الرئيسي من خلال مسعى شامل للاستقصاء وإعادة تعريف دوراً شاملاً للجامعات لهو أمر أساسي إذا اردنا إعادة الثقة بها كمؤسسات مثيرة للفكر والتحليل.

لكنني أشعر بأننا قد نواجه بعض العقبات عندما نحاول التطبيق العملي لهذه الأفكار.

في حين أن التشجيع على التعاون متعدد المجالات أمر مفيد، إلا انه قد يقابل ببعض المخاطر أيضاً.

غالباً ماتكون هناك منافسة شديدة بين أعضاء هيئة التدريس للتميز والتقدير، والتي من الممكن أن تتداخل مع جهود الفريق إذا لم يتم تدبير الأمور بعناية.

هذا لا يعني أنها فكرة غير قابلة للتحقق، ولكنه شيء جدير بالملاحظة أثناء وضع الخطط التفصيلية.

بدلاً من الاعتماد فقط على توزيع المكافآت، ربما يجب أن نفكر في تقنين مستوى دعم نوعي للأعمال الجماعية، والذي يستند على أدائها بأكمله كإنجاز موحد وليس بمفردها.