العلاقات الإيرانية-الألمانية كانت دائمًا متأرجحة بسبب الصراعات الجيوسياسية والاستعمارية.

ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن هذه العلاقات لم تكن مجرد نتاج للتحالفات المؤقتة أو الأيديولوجيات المتشابهة.

في الواقع، كانت هناك ديناميكيات اقتصادية واستراتيجية أعمق تحكم هذه العلاقة.

إيران، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، كانت دائمًا تسعى لتحقيق توازن القوى في المنطقة.

ألمانيا، من جهتها، كانت تبحث عن حلفاء في مواجهة النفوذ البريطاني والروسي.

هذا التقاطع في المصالح جعل العلاقات بين البلدين أكثر تعقيدًا واستقطابًا.

ما يجب أن نلاحظه هو أن الديناميكيات المالية العالمية لعب

الزبير الدرويش، إن ديناميكيات العلاقة الإيرانية الألمانية تتجاوز بكثير التحالفات الفورية والأهداف الايديولوجية المشتركة.

إنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعوامل استراتيجية واقتصادية عميقة تتعلق بالمواقع الجغرافية والتنافسات السياسية الإقليمية والدولية.

سياسات الدول، بما فيها إيران وألمانيا، ليست مستقلة تماما عن التضاريس الاقتصادية العالمية المعقدة.

حتى أثناء فترات السلام والحرب، ظل الاهتمام الاقتصادي عاملاً رئيسياً يوجه سلوك الدولة تجاه الأطراف الأخرى مثلما حدث خلال فترة الحكم النازي عندما تم التركيز أيضاً على الروابط الأرية الوهمية إضافة للجهود التجارية الواسعة.

ومع ذلك، فقد أدى تدخل الحلفاء في الحرب العالمية الثانية نتيجة لتعامل طهران تحت رعاية رضا شاه بهلوي (والده محمد رضا بهلوي) مع برلين بغض النظر عن المخاطر المحتملة، إلى التأثير السلبي الكبير على استقلال تلك البلاد.

اليوم وفي عصر الثورة الرقمية والإعلام الجديد حيث تشكل المعلومات جزء مهم جداً مما يعرف بمفهوم الجغرافيا الجديدة للأمن القومي، تلعب الأدوات المالية دوراً أكبر وأكثر حساسية بكثير مقارنة بأيام مضت.

إن التحولات المستمرة للنظام المالي العالمي -كما ذكر تقرير معهد التمويل الدولي مؤخراً بشأن ارتفاع مستوى ديون دولتنا عالميًا بتعداد يصل لما يقارب الثلاثمئة وخمس وعشرون تريليون دولار أمريكي- تؤكد ضعف آليات إدارة الاقتصاد الكلي لدي العديد من الحكومات حول الكوكب وبالتالي تعرضُها لاحتمالات انهيارات مفاجئة قد تكون مدمرة للعالم برُمته وليس لفئات قليلة منه فقط!

لذلك يجب اعتبار كل خطوة نحو زيادة الاعتماد التجاري والعسكري المتبادل بين مختلف الدول بغرض تحقيق مصالح مشتركة ضمن إطار القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان كأساس لبناء سلام مستدام وحوار بناء يعود بالنفع لكل الشعوب بلا استثناءٍ لأحد!

!

فالاستقرار السياسي والاقتصادي للجميع مرتبط باستئناف عملية التفاوض السلمي لحلّ الخلافات القديمة بدلاَ من اللجوء للحلول العنيفة ذات الاثمان البشرية والفكرية المدمرة .

عبد المطلب بن زكري،

إن رؤية إيران المتوازنة للمجتمع الدولي واضحة بالفعل في تاريخ علاقاتها.

ومع ذلك، ينبغي التنويه إلى أنه رغم محاولات طهران تحقيق التوازن الاستراتيجي، إلا أنها واجهت تحديات كبيرة خاصة عند خرق حياديتها المعلقة أثناء الحرب العالمية الثانية.

إن نشر دعم سياسي وتمويل لألمانيا النازية كان له ثمن باهظ دفعته إيران فيما بعد.

اليوم، تقدم الأمثلة الحديثة على الصعوبات المالية العالمية أدلة قوية حول أهمية المرونة وعدم الاعتماد الزائد على شركاء خارجيين.

ويبدو أن تبني سياسات مالية مستدامة وتنفيذ هياكل ديمقراطية فعالة أمر ضروري لتجنب نفس القدر من البؤس الذي شهدناه في الماضي.