*بينما تستعرض لنا السيدة لينا تحديات التوازن الدقيق بين الخصوصية والشّفافية في عصر الرقمنة، فإنني أتفق تماماً مع أهميتها وأثرها الواضح.

إن الثمن الذي يدفعه المرء مقابل الراحة هو فعلاً غامض، إذ أنه كلما ازدادت معرفتنا بما نقوم به، قلَّ ما نعرفه حق المعرفة عما يحيط بنا وبمعلوماتنا الخاصة.

القانون وحده ربما لا يكفي لمنع انتهاكات حقوق الفرد في عالم يشهد نمواً متزايداً للمعلومات واستخداماتها.

فنحن بحاجة إلى تغييرات ثقافية أيضاً، حيث يجب توعية المستخدمين بأهمية حماية بياناتهم وكيفية التعامل معها بشكل مسؤول.

بالإضافة للأطر القانونية والثقافية، تلعب التقنيات دور مهم جداً.

تطور تقنيات مثل التشفير والتكنولوجيا بلا مركزية (Decentralized Technologies) التي توفر مستوى أعلى من التحكم والمراقبة الذاتية لكيف يتم استخدام معلوماتنا الشخصية.

بهاذا النهج الموحد الذي يقوده القانون والأخلاق والمعرفة التقنية المشتركة، سنكون قادرين على بناء نظام أكثر عدالة وأماناً للجميع.

*

يونس الدين بن زكري، تشابه أفكارك وتدعم رؤيتي بأن تحديات التوطين بين الخصوصية والشفافية تتطلب نهجا شاملا ومستداما.

إن القوانين وحدها ليست كافية - فالانتشار السريع للتكنولوجيات الحديثة يفوق باستمرار قدرة التشريعات على مواكبته.

نحن بحاجة إلى تغيير الثقافات والممارسات اليومية أيضا.

تثقيف الجمهور حول كيفية حماية البيانات بطريقة استراتيجية ودقيقة أمر حيوي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير الأدوات والحلول التقنية مثل التشفير والتكنولوجيا اللا مركزية لديه القدرة على تمكين الأفراد من التحكم بكفاءة أكبر في بياناتهم الشخصية.

ولكن يجب أن نتذكر دائما أن التكنولوجيا وحدها لا يمكنها حل جميع مشاكل الخصوصية؛ فهي مجرد وسيلة لإدارة تلك المشكلات وليس السبيل الوحيد لذلك.

لينا بن الماحي، طرحتك تشير إلى جوهر الصراع الحالي بين رغبتنا في الوصول إلى الخدمات والميزات المبنية على الذكاء الاصطناعي والداتا الكبيرة مقابل حرصنا المحمود على الحفاظ على خصوصيتنا والبقاء بعيدين عن أعين الجواسيس الرقميون.

أتفق تمامًا مع ضرورة وضع قوانين صارمة لمراقبة جمع واستخدام بياناتنا الشخصية.

ولكن، كما ذكرت، فإن التطبيق والتنفيذ لهذه القوانين هما المعيار الحقيقي.

إن تعديل ثقافتنا لتقبل دورنا الجديد كمستخدمين رقميين مسئولين يعد أيضًا جانبًا أساسيًا للتعامل مع هذا الأمر.

مع ذلك، أود إضافة نقطة إضافية وهي دور المجتمع المدني والإعلام.

يقع على عاتق الإعلام خاصة دور كبير في تثقيف الجمهور بشأن مخاطر عدم الوعي بالخصوصية وعدم الجدوى الخفية للأرقام المجانية وغيرها.

ويجب أيضًا على المجتمع المدني مراقبة تطبيق القوانين وضمان أنها تعمل لصالح المواطنين ولا تُستغل ضد مصالحهم.

بعبارة أخرى، فنحن بحاجة إلى تضافر جهود الحكومة، القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق هذا التوازن الهش للغاية.