التقاطع بين الثقة الذاتية والعالم الرقمي: هل يمكننا حقاً الاحتفاظ بالسيطرة؟

بينما كان ريني ديكارت يؤكد على ضرورة الاستقلال الفكري والثقة بالنفس كمحور للحقيقة، فإننا اليوم نواجه تحديًا مختلفًا ولكنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بكيفية توجيه ثقافتنا الجديدة - الثقافة الرقمية.

بالعودة إلى فلسفة ديكارت، لم يكن يبحث فقط عن ضمان وجوده الخاص وإنما أيضا عن فهم العالم حوله من خلال عقله وحده.

أما بالنسبة للعصر الحديث، فهناك نوع آخر من "العقل" يتلاعب بنا — بنيان خوارزمي عملاق يتبع آلية منطقية خاصة به.

تكشف مواقعنا الإلكترونية المفيدة وتطبيقات تقنية متقدمة جانب واحد من عالمنا الجديد الذي لا يستمر في تسهيل حياة الإنسان فحسب، ولكنه يتجاوز الأمر إلى تحديد ما نراه وما نفهمه ونختاره حتى.

إن هذه الهياكل الرقمية تُنشِء بيئات افتراضية توجه اهتماماتنا واتخاذ القرارات الخاصة بنا.

ربما وصلنا إلى نقطة يُطرح فيها تساؤلات حول الحدود الفاصلة بين الحرية والحكم الآلي.

إذا كنا نخضع فعلاً لما يمكن وصفه بـ "رقمنة الحكم"، فكيف سنغير اللعبة وفق رؤية ديكارت الأولى: أي من خلال التفكير والنظر النقدي.

إذا اعتبرنا أن أفعالنا تتم ترجمتها بواسطة خوارزميات مصممة ذاتيًا، فعندئذ سيكون هدفنا الأساسي هو اكتساب المزيد من التحكم في كيفية صنع تلكالخوارزميات لقراراتنا.

ربما ليس لنا كفرد بشكل مطلق ولكن كمجموعة ومنظمة اجتماعية منظمة جيدًا قادرة على فرض قوانين تحد من سلطة البيوت الرقمية.

بهذه الطريقة، يمكن اعتبار القرن الحالي نسخة رقمية لفترة النهضة—تجربة مذهلة وغامضة حيث يكون بحث المرء الداخلي عن اليقين محكومًا بشيء خارق خارجی للغاية ولا يمكن رؤيته بعينيه ولكن تأثيرَه واضحٌ في واقع كل يوم.

لذلك دعونا لاننسى فن السؤال ولنتذكر دائماً أنه لكل شيء يوجد جواب، بغض النظر عن المكان الذي يأتي منه هذا الشيء أو كيف يبدو شكلُه!

1 Mga komento