الحضارة الرقمية ليست نهاية التاريخ كما ادعى فوكو وبعض المؤرخين في القرن العشرين؛ إنها بداية فصل جديد من تاريخ البشرية.

نحن نقف أمام مفصل مهم حيث تندمج التطورات التقنية مع القيم والمعارف الإنسانية لتُعيد تشكيل العالم من حولنا.

لا ينبغي النظر إلى التقدم العلمي والتكنولوجي باعتباره تهديدًا لوجودنا الوجودي، بل كتحدٍ لإعادة اكتشاف ذاتنا وأولوياتنا.

ربما يكون الوقت الحالي فرصة سانحة للاعتبار مرة أخرى جوهر التجربة الإنسانية خارج حدود الأنظمة والممارسات الراسخة لدينا منذ قرون مضت.

نواجه الآن أسئلة أساسية تتعلق بهويتنا وطبيعتنا المجتمعية والاقتصادية وحتى الأخلاقية وسط تدفق مستمر للمعرفة والمعلومات.

هل سنختار التركيز فقط على جوانب معينة من تقدمنا -مثل الحد من النفايات البلاستيكية مثلاً– بينما نتجاهل الأعراف والنظم الأخرى المسؤولة عن معظم مشاكل عصرنا الحديث؟

إن الاعتماد الحقيقي لا يأتي من رفض الاختلافات الثقافية والفلسفية لصالح حل سريع للمشاكل الظاهرة فور ظهورها، وإنما يأتي عبر فهم عميق للطريقة التي تعمل بها أنساق المجتمع المختلفة وتفاعل بعضها البعض ضمن بيئة دائمة التقلبات والتغييرات.

فلنتجاوز مرحلة المقاومة لكل جديد ولنجد مكانا لنا جميعا وسط حضارتنا الجديدة المتغيرة باستمرار.

فلنعمل سوياً نحو مستقبل يحترم كلا من الطبيعة والتكنولوجيا ويعطي أهمية مساوية لكليهما لتحقيق نوع مختلف تماما مما اعتدناه حتى الآن!

1 코멘트