الهندسة الوراثية: موازنة بين التقدم العلمي والمسؤولية الاجتماعية

إن مناقشة الهندسة الوراثية ضمن إطار أخلاقي وإسلامي يتجاوز مجرد تحريم أو قبول مطلق لهذه التكنولوجيا.

فالإسلام يشجع العلم والمعرفة، ويحث على البحث والاستقصاء.

ومع ذلك، فإن أي تقدم علمي يجب أن يكون متوازنا مع المسؤولية الاجتماعية وحماية المجتمع من المخاطر المحتملة.

فلننظر إلى مثال زراعة الكائنات المعدلة وراثياً.

إذا كان هذا النوع من الزراعة يمكن أن يساهم في تأمين الغذاء العالمي ويقلل من المجاعة والجوع، فهذا أمر جيد بلا شك.

لكن علينا أيضا أن نفحص بعمق أي آثار جانبية محتملة على البيئة والصحة العامة وعلى مدى طويل.

وهنا يأتي دور العلماء والمختصين لوضع ضوابط صارمة وتنظيم واضح لاستخدام هذه التكنولوجيا.

لا ينبغي لنا أن ننظر إلى الهندسة الوراثية باعتبارها عدوًا يجب تجنبه تمامًا، ولا ينبغي أيضًا اعتبارها حلولاً سحرية لكل مشكلة تواجه البشرية.

بل هي أداة قوية يمكن استخدامها لتحقيق الخير العام بشرط التحلي بالحكمة والتفكير النقدي واتخاذ القرارات المدروسة.

فعلى سبيل المثال، قد يكون تعديل جينات النباتات لجعلها مقاومة للجفاف أمراً ضرورياً للاكتفاء الذاتي للبلدان ذات الظروف المناخية القاسية، بينما يعد تغيير خصائص الإنسان لأسباب جمالية أو قوة زائدة أمراً غير مقبول اجتماعياً وأخلاقياً.

ومن هنا تنشأ الحاجة الملحة لإقامة نقاش مجتمعي شامل يعكس جميع جوانب القضية، بما في ذلك التداعيات الاقتصادية والاخلاقية والبيئية الناجمة عنها.

إن هذا النقاش سيضمن اتخاذ قرارات مدروسة تراعي مصالح الجميع وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم البشري الآمن.

فلا غنى عن اتباع نهج وسط واعتماد مبدأ الاحتراز الذي يحفظ حياة الناس وصحتهم ويرفع مستوى رفاهيتهم بشكل عام.

1 التعليقات