بين الظنون والخفايا.

.

هل يمكننا الوثوق بالتاريخ كما نعرفه ؟

إن أسئلة الماضي تحمل العديد من الأسرار والدوافع الخفية والتي غالباً ما تبقى طي الكتمان لقرون طويلة.

إن عملية تفسير الأحداث التاريخية ليست بريئة دوماً، بل هي عرضة للتلاعب والتضليل حسب المصدر والرأي المهيمن آنذاك.

فعلى سبيل المثال، عندما نتحدث عن "الهوية"، كم مرة يكون الأمر مرتبطا بقضايا سلطة ونفوذ أكثر منه ارتباطا بثقافة وتقاليد أصيلة!

خذ مثال "مشروع أتاتوركي" الذي سعى لتغيير اللغة الرسمية للدولة التركية حديثة النشأة حينئذٍ.

صحيحٌ أن الأتراك اعتمدوا خط لاتيني سهل القراءة والكتابة مقارنة بخط عربي تقليدي كانت تكتب فيه معظم أعمال تراث البلاد القديمة.

لكن السؤال المطروح اليوم: لماذا اختارت الدولة الجديدة فرض نظام كتابة غربي بالكامل عوضا عن تطوير أحد النسقيْن الموجودين بالفعل داخل المجتمع ذاته؟

وهل هدف المشروع فعلا جعل الشعب أقرب للحضارة الأوروبية أم إبعاد المواطنين عن جذورهم العربية والإسلامية وبالتالي سهولة ابتلاع المشروع العلماني الجديد لهم بلا مقاومة؟

وبالمثل، ماذا لو كنا نحن أيضا ضحية ظن خادع بخصوص أحداث تاريخية أخرى مثل قضايانا المحلية والعربية؟

فكم عدد القصص المختلقة لأجل تحقيق مكاسب سياسية واجتماعية دون علم الجمهور العام؟

وما تأثير هذه الاختلاقيات على تصورات الأجيال القادمة تجاه واقع حاضرهم ومستقبل شعوب المنطقة؟

هذه الأسئلة وغيرها الكثير يدعو للإسهاب والنقاش العميق حول مفهوم البحث العلمي الموضوعي ومسؤولية المؤرخ أمام الحقائق مهما كانت نتائج اكتشافاتها صادمة وغير محمودة لدى البعض.

فالهدف النهائي ينبغي أن يبقى واحدا وهو خدمة العدالة والحقيقة مهما تعددت مساراتهما وتعقدت الطرق إليها.

فالحاضر يستحق درسا مفيدا ومثمرا من دروس الماضيين كي نرسم مستقبل أفضل مبنيا فوق أرضية راسخة وصادقة.

#الدونم #نظيفة #تدعي

1 コメント