إعادة تعريف النموذج الاقتصادي في عصر الذكاء الاصطناعي

مع استمرار الموجة الرابعة للصناعة التي تقودها الثورة الصناعية 4.

0، أصبح مفهوم "السوق" يتطور بسرعة نحو نموذج اقتصادي مختلف تماماً، وهو الاقتصاد الخوارزمي (Algorithmic Economy).

هذا النوع الجديد يعتمد بشكل أساسي على البيانات الضخمة والخوارزميات المعقدة لاتخاذ القرارات الاقتصادية بدلاً من الاعتماد الكلي على قوى السوق التقليدية مثل العرض والطلب.

في ظل سيادة الذكاء الاصطناعي والروبوتات، فإن الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذا التحول عميقة وشاملة.

بينما توفر هذه التغييرات إمكانية هائلة لكسب الكفاءة وزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية، إلا أنه لا غنى أيضاً عن النظر بعمق إلى انعكاساتها طويلة المدى.

أحد أهم المخاطر المرتبطة بذلك هو احتمال فقدان ملايين فرص العمل الحالية واستحداث وظائف غير موجودة حتى الآن والتي تتطلب مهارات مختلفة عما لدينا اليوم.

وبالتالي، يبدو جلياً الحاجة الملحة لإعادة هيكلة النظام التعليمي العالمي لتلبية متطلبات سوق العمل المستقبلية وتزويد الناس بمهارات جديدة تسمح لهم بالتكيف مع الواقع الاقتصادي الناشئ والاستعداد لعالم مبني على التعاون بين الإنسان والآلة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك سؤال مهم آخر حول ملكية وسائل الإنتاج وأنظمة اتخاذ القرار ضمن هذا السياق المختلف جوهرياً.

من المسؤول إذا أخفق نظام خوارزميتي مرتكزٌ على ذكاء اصطناعي في القيام بدورياته؟

وكيف سنتعامل قانونياً وأخلاقيّاً عندما تصبح المؤسسات والشركات عبارة عن شبكة واسعة ومعقدة من الأنظمة ذات الحكم الذاتي والمترابطة فيما بينها عبر الإنترنت؟

يتعين علينا جميعاً - صناع السياسة والقادة المجتمعيون ورواد الأعمال وحتى المواطنين العاديين – فهم الطبيعة الديناميكية لهذه الحقبة التاريخية والانتباه جيداً للأبعاد الأخلاقية والفلسفية والسوسيولوجية المتعلقة بها.

إن عدم الانخراط النشِط في تشكيل مستقبلنا الجماعي يعني الاستسلام لقدرٍ مجهول وغير مؤكد.

لذلك دعونا نبدأ حواراً شاملاً ومثمراً بشأن كيفية تصميم وصقل آليات تحكم اقتصادنا رقميّاً.