هل تتحكم الشبكات الاجتماعية بثقافتنا أم هي مجرد أداة؟

يبدو أن النقاش الدائر حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على اللغة والثقافة لا يكفي وحده لفهم العمق الكامل للتغير الثقافي الذي نشهده اليوم.

فوسائل التواصل الاجتماعي هذه أكثر بكثير مما نظن؛ فهي ليست مجرد أدوات لتوزيع النصوص أو الصور، وإنما هي نماذج اقتصادية وتكنولوجية نشطة تعمل بشكل مستمر لإعادة تعريف كيفية تفاعلنا وفهمنا للعالم من حولنا.

فعلى سبيل المثال، بينما يشغلنا الجدل حول استخدام العامية مقابل الفصحى عبر الإنترنت، فإن الشركات الكبرى المالكة لمنصات التواصل تتطور باستمرار خوارزمياتها لتخصيص المحتوى لكل فرد حسب اهتماماته وسلوكه الشخصي.

وهذا يعني أنه بدلاً من كوننا جزءاً من حوار عام مشترك، أصبح كل واحد منا يعيش داخل فقاعة معلومات خاصة به مصممة خصيصاً له ولرغباته واحتياجاته الفريدة—وهو الأمر الذي يمكن أن يقودنا نحو مزيد من العزلة والانفرادية على المستوى المجتمعي.

ومن ثم، فالدعوة لحماية الهوية القومية ودعم حضور البلاد عالمياً رقمياً أمر مهم للغاية، ولكنه أيضاً معقد جداً.

فالتقاطع بين السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا يجعل هذا المجهود أشبه بالتوازن على كرة طائرة أثناء رياح عاصفة.

وقد يكون الحل الأمثل يكمن فيما يسميه البعض بـ 'التدريب النقدي'، أي تعليم الأجيال الصاعدة مهارات التحليل والتمييز بين المعلومات والحقيقة والمعلومات المغلوطة والمضلِّلة.

وفي النهاية، تبقى العلاقة بين الإنسان وتقنيته علاقة ديناميكية مستمرة.

وعلى الرغم من المخاطر المحتملة، إلا أن الفرص المثيرة للإبداع وتقدم المعرفة والفنون ستظل قائمة دوماً.

لكن الطريق نحو الاستخدام الرشيد للموارد المتاحة أمام الشعوب العربية والعالمية يتطلب وعياً أكبر بحجم التأثيرات المختلفة المتداخلة والمتنوعة المصادر.

وهذا بداية نقطة انطلاق ممتازة لأبحاث مستقبلية ونقاشات عميقة ذات معنى.

--- هل ترى أن شركات التواصل الاجتماعي مسؤولة عن توفير بيئة آمنة وداعمة للحوار الحر وبناء جسور الوحدة الوطنية والإقليمية والدولية؟

شارك رأيك!

1 نظرات