الجذور الضائعة للجميل في زمن النسيان في عالم يتسارع نحو التقنية ويغرق في ضجيج التواصل اليومي، يبدو أن مفهوم "الجميل" أصبح عرضة لخطر الانمحاق تحت وطأة السرعة والرتابة.

هل فقد المجتمع الحديث القدرة على تقدير التفاصيل الصغيرة، اللحظات الهادئة، والعطاء غير المشروط؟

وهل ساهم ظهور وسائل الإعلام الاجتماعية في زيادة هذا الاتجاه نحو النسيان والانغماس الذاتي بدلاً من المشاركة الجماعية في لحظات التقدير البسيط؟

بالعودة إلى الماضي، عندما كانت حياة البشر أقل تعقيداً، كان الناس أكثر ميلاً للاعتراف بفضل الآخرين وتقديره.

فالشعر العربي القديم مليئ بالأمثلة عن المدح والاعتزاز بمكارم الأخلاق وصفات الرجال.

أما الآن، فإن الكثير ممن يستعرضون أعمال الخير الخاصة بهم علناً، غالباً ما يُنظر إليهم بانتقاد بسبب افتقارهم الواضح للشعور بالإنجاز الداخلي.

لكن ليس فقط الجانب الأخلاقي للجميل هو الذي يحتاج إلى إعادة النظر؛ بل أيضاً دوره في تشكيل هويتنا الثقافية والوطنية كما جسده أبو الطيب المتنبي ومصر الفرعونية.

إن تاريخ أي أمة مليء بالحالات التي يتم فيها الاحتفاء بالفنانين والكتاب والفلاسفة الذين تركوا بصمتهم الجميلة على صفحات التاريخ.

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، بدا أننا نفقد الاهتمام بهذه الأعمدة الأساسية لهُويتِنا الثقافية لصالح اهتمامات آنية سطحية.

إن الجمال، سواء كان فنياً أو أخلاقياً، هو جوهر ما يجعل الحياة تستحق العيش.

إنه مصدر لا ينضب للإلهام والمتعة والسعادة.

لذلك، فإن مهمة كل فرد منا تتمثل في البحث باستمرار عن الجمال داخل النفس وفي الخارج، ثم مشاركة هذا الجمال مع الآخرين لتعزيز روابطهم وتقوية مجتمعهم.

عندها فقط سنضمن عدم اختفاء "الجميل" مرة أخرى وسط همسات التاريخ الصاخبة.

1 تبصرے