المساواة الرقمية كمدخل للاقتصاد العادل في ظل الثورة الصناعية الرابعة والتحولات المتسارعة التي فرضتها التكنولوجيا، أصبح مفهوم "المساواة الرقمية" جوهر أي نقاش بشأن مستقبل الاقتصادات والعلاقات الاجتماعية؛ فهو لا يقتصر فقط على توفير اتصال بشبكة الانترنت فحسب، بل يتعداه ليضمن حصول جميع أفراد المجتمع على المعرفة والمهارات اللازمة للمشاركة بفعالية واستثمار الفرص المتاحة عبر العالم الافتراضي.

إن ضمان الحصول العادل والمتساوي على أدوات التعليم الإلكتروني ومنصات العمل عن بعد وغيرها من الخدمات المبنية على الذكاء الاصطناعي سوف يؤدي حتما لإعادة تعريف موازين القوى التقليدية داخل الأسواق العالمية.

فعندما يتمتع كل فرد بقدرة الوصول نفسها لهذه المصادر الأساسية للمعرفة والمعلومات فإن الاختلالات التاريخية ستصبح أقل حدة وستظهر أسواق جديدة ومبتكرة مدعومة بقاعدة واسعة من المواهب والإمكانات البشرية المختلفة والتي كانت مهمشة سابقا نتيجة غياب البنى التحتية الملائمة.

وهكذا، تتحول فكرة المساواة الرقمية من كونها هدفا اجتماعيا صرفا إلى رافدة أساسية لأي نموذج اقتصادي مستدام وعادل.

فهي تتيح خلق قيمة اقتصادية مشتركة مبنية على التعاون بدلاً من المنافسة الصفرية، مما يعيد تحديد معنى النجاح الاقتصادي نفسه والذي لم يعد مجرد تراكم لرأس المال لدى قلائل من الناس وإنما توزيع نسبي له بين عامة السكان بحيث يعيش الجميع حياة كريمة بغض النظر عن خلفياتهم وانتماءاتهم.

وفي النهاية، تبقى قضية المساواة الرقمية مرتبطة ارتباط وثيق بمفهوم الديمقراطية الحديثة، إذ أنها شرط ضروري لحماية حقوق الإنسان الأساسية وتمكين المجتمعات المحلية من اتخاذ القرارت المتعلقة بمصيرها الخاص بعيدا عن الهيمنات المركزية القديمة.

وبناء عليه، ينبغي النظر إليها باعتبارها ركيزة رئيسية للحوكمة المسؤولة وليست رفاهية جانبية.

1 Commenti