الثورات التقنية ليست حدثاً عابراً، بل هي نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ الإنسانية.

فقد أسفرت الثورة الصناعية الأولى والثانية عن نقلٍ كبير في طبيعة العمل، بينما تعدُّ الثورة الثالثة (الذكاء الاصطناعي) بمحو الخطوط الفاصلة بين الآلة والإنسان نفسه.

وبالرغم من كون الذكاء الاصطناعي قادرًا بالفعل على القيام بوظائف كثيرة، كونه “معلماً”، يبقى السؤال قائماً: هل بإمكان الآلات تنمية مهارات التفكير العليا والمهارات الاجتماعية الأساسية كما يفعل الإنسان؟

أم أنها ستظل أدوات مساعدة للمعلمين والبشر عموماً؟

إن مستقبل التعلم سوف يشهد مزيجاً فريداً من القدرات المتعددة؛ حيث سيقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات الشخصية للمتعلمين واستخدام الخوارزميات لتخصيص عملية التدريس وفق احتياجات كل طالب، وسيقدم الدعم اللازم للاستفسارات الأولية.

وبالتالي فإن المعلم لن يكون آنذاك ناقل معلومات فحسب، وإنما مرشد وموجّه يساعد الطلاب على تطوير قدرتهم التحليلية والنقدية ويحثهم على طرح الأسئلة الصعبة.

وهذا يعني ضمناً بأن الدور الجديد للمعلم سيكون أكثر تركيزاً على الجانب النفسي والعاطفي للطالب، بالإضافة لدوره التقليدي كنقطة ارتكاز للمعرفة نفسها.

بالتالي فالمعادلة الصحيحة ليست "الأنسان ضد الآلة"، بل هي شراكة ذكية تجمع أفضل الصفات لكل منهما لصنع نظام تربوية غاية في الكفاءة والإنسانية.

لذلك علينا النظر الى مرحلة ما بعد الثورة الرقمية على انها عصر الشراكات الذكية بين الانسان والآلة وليس حرب وجودية تهدد مكانتنا ووظيفة الوجود الانساني.

1 Комментарии