تخيل معي عالماً حيث تتحول العلاقات الدولية من ساحة تنافس جيوسياسي تقليدي إلى منصة تعاون رقمي!

لن يفقد مفهوم الحدود الوطنية أهميته فحسب؛ بل ستمتد قوة الدولة الحديثة لتعبر حدودها الجغرافية وتصل إلى قلب النظام الرقمي العالمي.

إن العلاقة الحميمة بين الحكومات وشركات القطاع الخاص ستتشكل الآن عبر مساحات بيانات مشتركة بدلاً من اتفاقيات ثنائية رسمية.

وفي هذا السياق الجديد، سينتقل مفهوم الأمن الوطني ليضم بالإضافة للشأن العسكري والاقتصادي والسياسي، عنصر الأمن السيبراني أيضاً.

إذ إن الخرق الإلكتروني قد يسبب خيبة أمل اقتصادية وسياسية كبيرة للدولة، ويمكن اعتبار الحرب الإلكترونية شكلاً حديثاً للصراع الدولي.

وعلى نفس القدر من الأولوية، سوف تواجه الشركات مسؤوليتها الجديدة ككيانات مؤثرة عبر الخطوط الأمامية للعلاقات الخارجية.

فقد تستغل شركة ناشئة صغيرة الفرصة لاستخدام قوتها الناعمة للتأثير على قرارات الحكومة بشأن الاستثمار أو حتى تغيير السياسات الداخلية لصالح أجندتها الخاصة.

وهنا يأتي الدور الكبير للإعلام الحر ونشطاء المجتمع المدني لتحقيق الشفافية والحفاظ على المساءلة العامة ضد مثل هذه التأثيرات الخفية.

وبالتالي، سيكون مستقبل العلاقات الدولية مشروطاً بشكل أساسي بكيفية إدارة الجمهور لقوتهم الذكية في بيئة مترابطة رقمياً.

سيكون عليها اختيار ما بين فرصة تحقيق النمو والاستقرار الجماعي وبين خطر السيطرة المركزية والمعلومات المغلوطة.

إن الأمر يتعلق بأسلوب حياة جديد يقوم على الثقة والشفافية والمشاركة الفعلية للمواطنين في صنع القرارات المصيرية التي تؤثر عليهم وعلى حياتهم اليومية.

وهذا بدوره يعني الاعتراف بأن المواطن هو سفير وطنه الأول وأن دوره أصبح محورياً في التأثير على صورة دولته أمام العالم الخارجي ودفع عجلة ازدهاره ورقيّه الحضاري .

#المستخدم

1 Kommentarer