الموازنة بين التقدم التكنولوجي والقيم الإنسانية

في ظل السباق المتسارع نحو تبني تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، يُبرَز تحدٍّ أساسيّ يتمثَّل في الحفاظِ على القيم الأساسِيَّة للإنسانيّة وسط هذا الطوفان الرقميِّ الآخذ بالتوسُّع يومًا بعد آخر.

إنَّ الاعتماد الكلي على التكنولوجيا لحل جميع مشكلاتنا قد يؤدي بنا نحو طريق خطر، حيث تصبح العلاقات الإنسانية متدهورة وتقل فرصة تطوير مهاراتنا الاجتماعيّة والعقلية الأساسيّة والتي تعد جوهر ثقافتنا وهويتنا.

فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بمجالات الرعاية الصحّية والشخصنة الطبّية، فقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أهميتها الكبيرة ولكن أيضًا إلى المخاطر المحتملة المتعلقة بسرقة البيانات والمعلومات الخاصّة بالأفراد وفقدان الخصوصية وهو أمر يجب التعامل معه بعناية فائقة عبر وضع قوانين وأنظمة صريمة تضمن عدم انتهاكه تحت أي ظرف مهما كانت الظروف.

وفي الوقت نفسه بالنسبة لنظام التعليم الذي يعتبر عماد المجتمعات ومستقبل الشعوب، يتعين علينا إعادة النظر بطريقة تقديم الدروس وبناء منهج دراسي حديث ومتجدد يتناسب مع احتياجات المجتمع الحالي والذي يأخذ بالحسبان جميع جوانبه المختلفة بدءًا من تنشئة النشء تربوياً وصولا الى اكتشاف المواهب وصقلها بما يناسب سوق العمل الجديد والذي بات يعتمد اعتماد كبيرعلى السرعة والاستيعاب الذهني والحنكة الفنية .

وباختصار شديد، يبدو المستقبل مليئًا بالفرص المثيرة للتطبيقات الجديدة للذكاء الصناعي وغيرها من التقنيات المبهرة الأخرى، إلّا ان نجاحنا الحقيقي سيكون مقرونا بقدرتنا على توظيف تلك الادوات لصالح الانسانية وليس العكس وذلك عبر ضمان حقوق الافراد وحماية خصوصياتهم واحترام قيمهم ومعتقداتهم الدينية والدنيوية.

ولابد من ايجاد اتزان مناسب للحياة كي نحمي نفسنا من مخاطر العزلة الرقمية وانسياب تام لكل شيئ ضمن بوتقة البرمجيات والخوارزميات!

فالعالم افتراضي جميل ولكنه غير واقعي اذا انفصلنا عنه ولم ندرسه بعمق ونضع له حدود منطقية وصحيحه.

1 코멘트