العلم والتقنية سلاح ذو حدين؛ قد يكون قوة دافعة نحو التقدم والرقي، وقد يتحول إلى عامل تهديد إذا أسئنا استخدام أدواته وأسلوبياته وإن ظل غرضه نبيلا.

فعند الحديث عن المستقبل الرقمي للتعليم مثلاً، وبالرغم مما يحمله ذلك من فرص متزايدة للتطور العلمي والمشاركة المجتمعية الواسعة والاستقلال الذاتي للطالب ضمن بيئة تعليمية مرنة وفعالة للغاية مقارنة بالنظام التقليدي الصارم نسبياً، إلا أنه لا ينبغي لنا تجاهل الجوانب الأخرى لهذا التحول والتي تتطلب الحذر والتفكير العميق قبل اتخاذ أي خطوات جذرية غير محسوبة العواقب.

إن أحد أهم المخاطر الكامنة في اعتماد نماذج رقمية خالصة للنظم التعليمية يتمثل في احتمال فقدان الروح الإنسانية والحيوية الناتجة عن التواصل الاجتماعي المباشر بين الطلبة ومدرسيهم وبين بعضهم البعض أثناء عملية التدريس والتعلم.

فالتعليم أكثر بكثير من نقل المعلومات واستقبالها، إنه رحلة اكتشاف ذاتي ومشروع حياة مشترك يتجاوز حدود الكتب الإلكترونية والفصول الافتراضية مهما كانت براعتها وجودتها التقنية.

لذلك فإن الموازنة الدقيقة ما بين فوائد الرقمنة وحفظ المقاصد الأساسية لأحد أعمدة الحضارة هي المفتاح الأمثل لبناء نظام تربوي عصري يحقق العدالة الاجتماعية ويحترم خصوصيات كل فرد داخل المجتمع المدرسي المتنوع عقليا وجسديا وعاطفيا.

وفي حين يؤكد الكثير ممن يدعون إلى إلغاء المدارس التقليدية لصالح بدائل افتراضية كاملة بأن الوقت قد حان لتحرير المعرفة من قيود الزمان والمكان وانطلاق المتعلمين في فضاء واسع مفتوح بلا حدود مادية مقيدة لهم، إليكم نظرة أخرى لهذه القضية!

ربما تستطيع تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز تقديم تجربة تفاعلية ثنائية البعد تجمع أفضل مميزات العالمين الحقيقي والرقمي سوياً.

تخيل معي مدرسا يقدم شرحا دراسيا باستخدام شاشة عرض ثلاثية الأبعاد أمام طلاب يجلسون حول طاولة مستديرة متصلة بشبكات عالمية تبادلية معرفية.

.

.

هنا يبدأ عصر جديد للعقلانية العلمية المرتبطة ارتباطا عضويا بالقوة الخلاقة للإبداع الجمعي الشعبي.

لكن دعونا لا ننسى أيضا دور المؤسسات التربوية الرسمية كضامنين أساسيين لجودة الشهادات الجامعية وضامن لاستقرار الأنظمة الاقتصادية عموماً.

ختاما وليس آخراً، يعتبر مفهوم السيادة الثقافية الوطنية عاملا محوريا عند مناقشة مسألتي الهوية والعولمة وكيفية التعامل معه واقع معاش حالياً.

فلابد منذ الآن البدء ب

#وفلسفتنا #التعاون