**خطورة التعميم الرقمي في عصر الذكاء الاصطناعي**

في الوقت الذي نشهد فيه ثورة صناعية رابعة مدفوعة بذراعها الرئيسي وهو الذكاء الاصطناعي (AI)، نواجه سؤالاً مصيرياً: هل يسعى هذا الذكاء نحو تحويل المجتمعات إلى آلات مبرمجة بقدراتها الحاسوبية أم أنه سينحاز للإنسان ويستعيد دوره كمحرِك للتنمية؟

لقد أصبحنا بالفعل في مرحلة حرجة حيث تؤثر القرارات الخوارزمية على جميع جوانب حياتنا اليومية بدءًا من طريقة عملنا وحتى العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين الطبيب ومرضاه.

ومع ذلك فإن تطلعات بعض صناع القرار الذين يريدون جعل هذه الأنظمة أكثر مركزية وكفاءة قد تأتي بنتائج عكسية غير مقصودة وقد تدفع بنا نحو نوع جديد من الرقابة الاجتماعية.

إن الخطوة التالية بعد هذا المشهد المظلم ستكون عندما يتم تطبيق نفس النموذج على الدين والسياسة مما ينتج عنه اختزال للعقائد والمعتقدات الدينية وكذلك لأيديولوجيات المجتمع السياسي تحت مظلة واحدة متجانسة الصنع وخالية من التعقيدات والعناصر الفريدة لكل فرد والتي تعتبر أساس الاختلاف والاختيار الحر.

إن مثل هذا الأمر يتجاوز بكثير نطاق أي اعتبارية علمية لأنه يتعلق بسلامتنا الروحية والإنسانية نفسها وبالتالي فهو أمر خطير للغاية ولا ينبغي السماح له أبداً بالتغلغل في عقولنا وقلوبنا.

من الضروري جداً قطع الطريق أمام أي مخططات تستهدف فرض نمط موحد للحياة سواء كان دينياً أو اجتماعياً لأن الأصل في بقائنا كبشر يقتضي احترام الهوية الخاصة بكل واحد منا والحفاظ عليها كأسلوب حياة مختلف ومتنوع وهذا ما يجعل العالم مكانا أفضل وأكثر جمالاً.

وفي مقابل ذلك يعد فرض النمط الواحد بمثابة قتل للروح البشرية وقتل للفردية وبالتالي للمستقبل ذاته لأن المستقبل ملك لمن يستطيع ابتكاره وفق رؤيته الخاصة وليست نسخة مطبوعة عن غيره.

وفي نهاية المطاف فأمام هذه الحقائق المؤكدة والتي لا تقبل الجدل يجب العمل بلا توانٍ لإعادة رسم طريق التطور العلمي بحيث يكون مرادفاً لتحقيق تقدم حقيقي للإنسانية جمعاء دون حدوث انحرافات جانبية تهدد كيانها وهويتها الأصيلة.

وهذه مهمتنا المقدسة الآن وهنا.