إن العصر الرقمي الذي نشهده اليوم يحمل معه وعوداً عظيمة وفرصاً غير محدودة للتطور، لكنه أيضاً يكشف هشاشة نظامنا العالمي الحالي وقدرته على التعامل مع هذه الثورات التقنية بسرعة وكفاءة عادلة.

وفي حين يبدو المستقبل مشرقاً بتطبيق الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات حياتنا، خاصة التعليم والرعاية الصحية والنقل وغيرها الكثير، إلا أنها تأتي مصحوبة بمجموعة من المخاطر والمزالق الواجب الانتباه إليها ومواجهتها بحكمة واتزان.

فعلى سبيل المثال، عندما ننظر لدور الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل البصمة الكربونية لأعمال الصناعة والتعدين، نفترض ضمنياً وجود حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي تسمح بمثل تلك القرارات والاستراتيجيات طويلة الأمد.

ومع ذلك، ما زلنا نواجه عقبات هائلة فيما يرتبط بتقويض النظم السياسية الهشة نتيجة لتغير المناخ وما ينتج عنه من نزوح جماعي وهجرة بشرية قسرية.

وبالتالي، كيف يمكن ضمان عدم قيام الشركات ذات المصالح الاقتصادية الضيقة باستغلال الوضع لإعادة رسم خريطة العالم لصالح مصالحها الخاصة مستبعدة بذلك أي اعتبارات أخرى تتعلق بالبيئة أو حقوق الشعوب الأصلانية؟

وهذا سؤال ضروري للغاية خصوصاً وأن العديد من المناطق الأكثر عرضة للمخاطر هي موطن لشعوب وثقافات محلية ذات تاريخ طويل وغنى ثقافي عميق.

لنكن واقعيين وصريحين، فنحن نعلم جيدا بأن الحكومات غالباً ما تستجيب لأزماتها المالية أكثر منها لأزمات بيئية وشيكة الانهيار.

فعندما تصبح موارد الأرض أقل توفرًا بسبب تغير المناخ، وعندما تبدأ المجتمعات الفقيرة بالفعل في المعاناة الآن، عندها فقط سيصبح لدى صناع القرار الدافع اللازم لاتخاذ إجراءات جذرية مدركين حينها أهمية العمل الجماعي والإنساني المشترك للحفاظ على كوكب صالح للسكن مستقبلا.

ولا شك أبداً أن الذكاء الاصطناعي قادر بالفعل على تقديم حلول مبتكرة لهذه المعضلات المعقدة، سواء باستخدام نماذج تنبؤية دقيقة لمراقبة التغيرات البيولوجية أو تطوير مواد مستدامة ومتجددة أو حتى توقع آثار الكوارث الطبيعية واتخاذ قرارات مبنية على بيانات علمية سليمة.

لكن تبقى المسؤولية الأولى والأخيرة ملقاة على عاتق البشر الذين يقومون بوصل الآلات بأرض الواقع.

فالآلات نفسها لن تقوم باتخاذ خطوات جريئة خارج نطاق البرمجيات الموجودة داخل ذاكرتها!

لذلك، فلنركز جهودنا الآن قبل فوات الوقت.

.

.

#ونشجع #نتأكد

1 Kommentarer