هل تخنق الرقمنة روح المجتمع الإنساني؟

بينما نهتف بانتصار التقدم التكنولوجي، دعونا نتوقف لحظة للتساؤل: ماذا نفقد من جوهر كوننا بشرًا؟

لقد فتحت لنا التجارة الإلكترونية أبوابًا جديدة، وربطتنا بالعالم وجعلتنا قريبين أكثر فأكثر.

.

.

ولكن بأي ثمن؟

لقد رأينا كيف تستغل الشركات العملاقة سهولة الوصول العالمية لتوسيع نطاق انتشارها، تاركة خلفها متاجر صغيرة وحرفيّين يواجهون صعوبات مالية.

وفي ظل ذلك كله، فإن جمال اللقاء البشري المباشر – تبادل الأحاديث عند شراء خبز الصباح، أو اختيار هدية عيد ميلاد لأحدهم – يتلاشى شيئًا فشيء كذكرى جميلة لمن عاش تلك التجارب.

وفي قطاع آخر، أصبح تعلم اللغة مثلاً مختلفًا جذريًا بسبب الإنترنت وتطبيقات الترجمة الآلية.

صحيح أنها تسريع عملية التواصل وفهم ثقافات أخرى، إلا أنه من المقلق رؤية الشباب يستخدمونها كوسادة اعتماد بدلاً من الانغماس الكامل في ثقافة ولغة البلد الأصلي للسفر إليه.

هنا تكمُن المشكلة: استخدام هذه الأدوات بقصد التعجيل والإيجاز بدلًا من اغتنام فرصة اكتساب المعرفة والفهم العميق.

بالإضافة لذلك، هناك جانب مظلم لتطور الذكاء الاصطناعي (AI).

وعلى الرغم من فوائد AI الهائلة مثل التشخيص الطبي الدقيق والكتابة الآلية وغيرها الكثير، إلا أنها تشكل خطراً عندما يتم إساءة تطبيقها.

فالآلات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرةٌ على كتابة مقالات ومشاركات اجتماعية وحتى قصص خيالية بشكل آلي ودقيق للغاية بحيث يصعب التفريق بين منتَج بشري وآخر آلياً.

وهنا تنبع المخاطرة: هل ستصبح مهنة الكتابة نفسها عديمة القيمة مستقبلاً؟

وما موقف المؤسسات التربوية حين تواجه طلابها الذين يقدمون أعمالاً أدبية مبهرة ولكنها من تأليف برامج ذكية؟

إن احتمالية حدوث مثل هكذا سيناريوهات أمر مخيف ويجب علينا جميعا دراسة تأثيراته المحتملة الآن وليس فيما بعد.

إن كل هذه الأمثلة توضح مدى سرعة تحولات عصرنا الحالي والتأثير العميق الذي يحدثه التقدم العلمي/التكنولوجي على حياتنا اليومية وعلى طريقة تفاعل البشر فيما بينهم ومع البيئة المحيطة بهم.

ومن الضروري جدا إجراء مناقشات مفتوحة وصريحة حول التأثير طويل المدى لهذا التحول الكبير وأن نعمل سويا لإيجاد حل وسط يحافظ على تقدم حضارتنا الحديثة ويلائم احتياجات الإنسان الأساسية للحياة الاجتماعية والثقافية الغنية والمتنوعة.

1 تبصرے