الحرية الرقمية.

.

متى تتحول إلى عبء؟

في حين تدعو بعض الأصوات لحماية الخصوصية على شبكة الانترنت باعتبارها حقاً مقدساً، إلا أنه ينبغي النظر أيضاً في الآثار المترتبة على فرض قيود صارمة قد تحدُ من التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يهدف إلى خدمة البشرية جمعاء.

بالرغم مما سبق ذكره حول أهمية الدفاع عن الحقوق الأساسية للفرد فيما يتعلق بمعلوماته الشخصية، هناك جوانب أخرى تستوجب التأمل العميق قبل إصدار أحكام قطعية.

فعلى سبيل المثال، ساعدتنا البيانات الضخمة (Big Data) في اكتشاف علاجات طبية جديدة لفيروس كورونا وغيرها الكثير!

وكذلك أسهم تحليل البيانات في فهم أفضل للسلوك البشري وتوقع الأحداث الطبيعية والكوارث، الأمر الذي يسمح لنا باتخاذ تدابير وقائية مناسبة لمنع وقوع المزيد من الكوارث مستقبلاً.

وبناء عليه، فبدل التركيز فقط على رفض الاستخدام الجماعي للبيانات، ربما يكون الوقت قد حان لإيجاد قواعد تنظيمية عادلة تراعي المصالح العامة وتقنن استخدام البيانات بطريقة أكثر مسؤولية وحكمة.

وهذا يعني وضع حدود قانونية واضحة وصارمة حول كيفية جمع واستعمال ومعالجة تلك البيانات الحساسة بحيث يتم ضمان سلامتها وعدم إساءة استعمالها بأي شكل كان.

وفي ذات السياق، أصبح الدور الحيوي للمؤسسات الحكومية واضحا للغاية حيث يتطلب منهم توفير بيئات رقمية آمنة للمستخدمين بالإضافة لتطبيق القوانين الصارمة التي تحافظ عليهم وعلى معلوماتهم الخاصة أثناء وجودهم داخل العالم الإلكتروني الواسع.

وفي النهاية، بينما تعتبر الخصوصية قيمة جوهرية وعزيزة علينا جميعاً، فقد آن الآوان للتفكير ملياً فيما إذا كنا سنضع العراقيل أمام فرص هائلة للإبداعات العلمية والتطور المجتمعي بكامله نتيجة التصميم المتعمد للحفاظ عليها كما لو أنها شيء ثابت جامد لا يقبل المساومة تحت أي ظروف ملائمة.

لذلك، دعونا نجتمع سوياً ونعمل جاهدين لإعداد منظومات وأنظمة قادرة على دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي للأمام جنباً إلى جنب مع تطبيق قوانين صارمة تحفظ لكل فرد حريته الشخصية وأمانه ضمن الشبكة العنكبوتية العالمية.

1 Kommentarer