هل تؤثر البيئة العمرانية على تطوير المجتمعات الصناعية؟

تحليل مقارن بين النمط البريطاني والنموذج الألماني

إن العلاقة الوثيقة بين بنية المدينة وتطور المجتمع الصناعي تستحق التدقيق العميق.

بينما يركز المقال الأول على جوانب عملية تتعلق ببناء المنازل، ويتساءل الثاني عما إن كان حجم الدولة عاملا حاسما في تشكيل طبيعة الثورة الصناعية، إلا أنهما يشتركان بخيوط غير واضحة تربطهما بمفهومٍ واحد؛ تأثير البيئة العمرانية على النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي.

إذا افترضنا صحة فرضية المقال الثاني التي تقول إن نمط المصانع الكبيرة في بريطانيا أسفر عن مجتمع تخضع فيه الطبقة العاملة لقوى مركزية صارمة، بالمقابل شهدت ألمانيا انتشار مصانع أصغر حجما مما منح العمال درجة أعلى من التحكم الذاتي والاستقلالية.

.

.

عندها فلابد وأن نطرح سؤال مهم جداً:

كيف يمكن لتصميم الأحياء والمخططات العمرانية لدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والتي اشتهرتا بسرعة عجيبة بتحقيق التقدم التقني والاقتصادي، كيف يمكن لذلك التأثير أيضاً على سرعة وفاعلية تبني تلك الدول لأنظمة صناعية متقدمة؟

وهل ستتبع نهجا مشابه لأحد هذين البلدين أم أنها ستسعى لخلق نموذج فريد خاص بها؟

*

قد يبدو السؤال غريبا بعض الشيء ولكنه يحمل أهميته الخاصة خاصة عندما ننظر إليه ضمن منظور تاريخي طويل المدى حيث بدأ الإنسان بالتجمع داخل مدن وقرى منذ آلاف السنين وانتقل تدريجياً نحو إنشاء دول ومجتمعات أكبر حجماً.

وفي عصرنا الحالي ومع ظهور ثورة المعلومات وانتشار الشبكات العالمية، أصبح مفهوم «الدولة» قابلا لإعادة التعريف مرة أخرى وقد يؤدي ذلك الى تغير جذري في طريقة إدارة الأعمال والصناعات مستقبلاً.

ختاما، لا يوجد شك بأن بحث مثل هذا سيفتح المجال أمام العديد من الحقول المتداخلة بما فيها علم النفس وعلم الاجتماع بالإضافة لعلم الاقتصاد بالطبع وذلك بسبب ارتباط العلوم الثلاثة ارتباط وثيق ببعضهما البعض عند دراسة سلوكيات الإنسان وردود فعله تجاه بيئات عمل مختلفة.

كما إنه وبسبب التعقيدات العديدة التي تواجه هذا الموضوع فإنه بلا أدنى ريب سيكون مصدر إلهام لكتاب مقبلين وللتاريخيين أيضا لفترة طويلة قادمة.

1 注释