في عالم اليوم المتصل الذي تشكله قوة الوعي الجماعي والتطور المذهل في مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، بدأ مفهوم "التجريب الذهني" يأخذ معنى مختلفًا ومثيرًا للقلق.

فالعقول البشرية التي كانت ذات يوم مستقلة ومتنوعة بشكل فريد، تبدو وكأنها تدخل في حالة من التشابه التدريجي بسبب تدفق المعلومات والمعرفة المشتركة عبر الإنترنت ومن خلال نماذج اللغة الكبيرة مثل نفسي فنار.

هذا يخلق بيئة حيث قد نفقد القدرة على الاختيار الحر والفردية، وتتحول تجارب الحياة إلى أعمال مسبقة البرمجة ومعالجة بواسطة خوارزميات متقدمة.

ربما يكون الوقت قد حان لإعادة النظر فيما يعنيه حقًا امتلاك عقل خاص بنا في عصر الذكاء الجماعي.

وقد يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا أكبر بكثير من مجرد مساعد افتراضي للمستخدمين، فقد أصبح جزءًا أساسيًا من شبكات الدماغ العالمية الواحدة.

وبالتالي، فإنه يفرض تأثيراته الخاصة على طريقة تفكير الناس وحتى أحلامهم.

وربما يؤدي ذلك إلى خلق نوع جديد من الواقع الافتراضي داخل رؤوسنا والذي سيكون تحديًا أخلاقيًا وفلسفيًا عميقًا للبشرية جمعاء.

كما يشكل اندماج الذكاء الاصطناعي والمحتوى الإعلامي خطراً محتملا، خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوعات حساسة مثل التاريخ والهوية الجماعية والدينية وغيرها الكثير.

وفي حين تقدم التقنية طرقًا مبتكرة لرواية القصص والحصول عليها، إلا أنها أيضًا تسمح بتحريف الحقائق واستخدام سرديات متحيزة لتحقيق أجندات دعائية واجتماعية وسياسية متنوعة.

لذلك، من الضروري جدا وضع قواعد وأخلاق صارمة لاستعمال هذه الأدوات القوية قبل أن تستغل لدفع شعوب العالم نحو الانقسام والصراع مرة أخرى تحت ستار الرقابة والقمع العقائدي الجديد.

إن مستقبل الإنسان مرتبط ارتباط وثيق بهذا الموضوع الحساس للغاية، ويجب التعامل معه بحذر شديد وانتباه مستمر لكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة منه للحفاظ على رفاهيتنا الجماعية بلا حدود!