وصمة عار المسؤولية الاجتماعية للشركات: بين الربحية وواجباتها تجاه المجتمع

في ظل المناقشات المتزايدة حول دور الشركات العالمية ومسؤوليتها الاجتماعية، تبقى القضية الرئيسية تتمثل فيما إن كنا مطالبين بإعادة تعريف مفهوم "الشركة" نفسها.

فهل هؤلاء الكيانات التجارية العملاقة مجرد آلات لجني الثروة، أم أنها كيانات ذات واجب أخلاقي تجاه المجتمعات التي تعمل فيها وتقوم باستخراج مواردها الطبيعية منها؟

من الواضح أنه بينما تحقق بعض الشركات نجاحاً مادياً هائلاً، فإن آثار جانبية أخرى قد تؤثر على البيئة والإنسان.

فعلى سبيل المثال، القطاعات الصناعية مثل صناعة الأزياء والتعدين غالبا ما تواجه اتهامات بالإضرار بالبيئة واستغلال العمال.

وفي الوقت نفسه، قطاع الرعاية الصحية يثير مخاوف بشأن تسويق العلاجات باهظة الثمن والتي لا يستطيع الكثيرون تحمل تكاليفها مما يؤدي إلى ظهور أسواق طبية سرية.

وبالتالي، هناك حاجة ملحة لإيجاد نهج أكثر اتزاناً وشاملية لتحقيق النجاح الاقتصادي بحيث يأخذ بعين الاعتبار رفاهية الجميع وليس فقط المساهمين.

قد يعتبر البعض بأن التركيز الوحيد لهذه الشركات هو زيادة قيمة الأسهم الخاصة بمستثمريها وأن أي شيء آخر خارج نطاق القانون يعد محاولة ميؤوس منها لممارسة الضغط السياسي عليها.

ومع ذلك، يشعر العديد من المواطنين بالقلق الشديد بسبب عدم مراعاة تلك الشركات لعواقب قراراتها الطويلة الأجل بالنسبة للحياة اليومية للسكان المحليين وللكوكب.

لذلك، أصبح طرح السؤال التالي ضروري جداً: هل آن الآوان لأن نبدأ بتنظيم أعمال هذه الشركات وفق قواعد مختلفة تقوم أساساً على مبدأ تحقيق العدالة الاجتماعية بدلاً من ترك الأمر لقوى السوق وحدها؟

وفي النهاية، يتعلق الأمر كله بكيفية تحديد أولوياتنا كمستهلكين واستخدام أصواتنا لدعم المنتجين الأكثر وعياً اجتماعياً.

كما يتعمق الأمر أيضاً في كيفية تصميم المشهد التنظيمي العالمي ليضمن مشاركة جميع اللاعبين في اللعبة وفق مجموعة مشتركة من القيم والأهداف طويلة الأمد.

وعندما نقترب من لحظة مهمة كهذه، علينا تأكيد وجود رابط عميق بين النمو الشخصي والاستقرار الجماعي - وهو درس أساسي يجب تعلمه قبل فوات الأوان.

ففي حين تهدف معظم الامتيازات والقوانين الحديثة إلى تعزيز حرية العمل، فقد حان وقت إجراء تعديلات جذرية لحماية حقوق الإنسان والحفاظ على سلامة بيئتنا.

وهكذا، سيصبح بوسعنا رسم صورة واضحة لما يجب أن يكون عليه مستقبل أفضل يسوده شعور مشترك بالمصلحة العامة والرعاية الذكية لكوكب الأرض الذي نسميه وطناً لنا.

#تكون #تبدع #تقلق