إن الثورة الصناعية الرابعة قد بدأت بالفعل وأصبحت جزءاً أساسياً مما نسميه الحياة الحديثة اليوم؛ فالذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد مفهوم نظري ولكنه أصبح واقعاً ملموساً يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على جميع جوانب حياتنا بدءاً من كيفية عملنا وحتى طريقة قضاء وقت فراغنا وصولاً إلى العلاقات بين الأشخاص وبعضهم البعض وبين المجتمعات والدول أيضاً.

إن هذا التقدم السريع يفتح أبواباً عديدة أمام البشرية ويقدم فرص غير محدودة للتطور والنمو ولكن مع ذلك فإن هناك مخاوف جديرة بالنقاش فيما يتعلق بمكانتنا كمخلوقات ذات عقول مستقلة وعلى رأس هذه المخاطر مسألة تحديد مصائرنا بواسطة الخوارزميات وأنظمة اتخاذ القرار الآلية والتي يمكن اعتبارها نوعاً من الاستعباد الرقمي والذي قد يحرم أولئك الذين يتخذونه منه صفاته الفريدة والإنسانية التي تميزه عن باقي الكائنات الأخرى.

ومن ثم علينا التأمل ملياً قبل الانجراف خلف موجات الابتكار المتسارع ومحاولة وضع قواعد أخلاقية وقانونية تحمي حقوقنا الأساسية كتصورات فردية فريدة لكل منا بعيدا عن تأثير البرمجة الخارجية سواء كانت صناعة أم غير مقصودة.

إن تاريخ العالم مليء بالأمثلة المؤلمة لما يحدث حين تستبدل قوة السلطة العسكرية مكان التواصل والحوار البناء بين الشعوب المختلفة وهو درس مهم يجب عدم تجاهله مهما تقدم الزمن.

وفي الختام دعونا نفكر دوماً بأن العلم والمعرفة وسيلة وليست غاية وأن استخدام أي اختراع بشري مرتبط ارتباط وثيق بقيمه الأخلاقية الشخصية والجماعية للحفاظ عليها سليمة وصحية لأجيال المستقبل القادم بعدنا.