نحو مستقبل ذكي وآمن: مواءمة التقنية والقيم الإنسانية

في زمن تسارع فيه عجلة التطور الرقمي وتقدم الذكاء الاصطناعي بوتائر غير مسبوقة، أصبحت الحاجة ملحة لإيجاد صيغ متوازنة تجمع بين فوائد العصر الجديد واحترام قيمنا ومعتقداتنا الراسخة.

فالذكاء الاصطناعي وإن فتح أبوابا واسعة أمام التحسن النوعي للحياة عبر مختلف القطاعات كالتعليم والرعاية الصحية وغيرها الكثير، لكنه كذلك يحمل معه العديد من المخاطر المحتملة والتي تستوجب اليقظة الدائمة تجاهها.

من الضروري هنا التأكيد على ضرورة توظيف الذكاء الاصطناعي بما يتماشى ويتماشى مع هويتنا وهدف وجودنا الأصيل وهو خدمة المجتمع ورد الجميل للإنسانية جمعاء.

ومن الواجب علينا جميعًا كمجتمع واحد سواء كانوا صناعا لهذا المجال أم مستفيدين منه ضمان مبدأ المسئولية المشتركة فيما يحدث بسبب اختياراتنا واستخداماتنا لهذه التقنيات المتنامية يوم بعد آخر.

وهذا يعني وضع قوانين ولوائح صارمة تنظم عمل الشركات المصنعة لهذه الاختراعات الحديثة بحيث يتم مراقبتها بشكل دوري للتأكد أنها تعمل وفق أعلى مستوى أخلاقي ممکن.

وكذلك تعليم النشء منذ الصغر أسس التعامل الصحيح والسليم مع ثورة المعلوميات المتلاحقة لتكوين قاعدة شعبية مدرِكة لأبعاد الأمور ولاتخاذ القرارت الرشيدة عندما يصلون لمواقع صنع القرار مستقبلا.

وفي نفس الوقت لا بديل عن مواصلة إجراء البحوث العلمية الهامة لدعم جهود رفع القدرات الانسانية للفئات الأكثر احتياجا وللمناطق الفقيرة وذلك باستخدام مواردنا المحلية المتاحة لتلبية حاجات شعوب الأرض جميعا.

وكل هذا لن يرى النور الا بتكاتف جهود علماء الدين والفلاسفة والاقتصاديين ورجال الأعمال والمهندسين المختصيين وغيرهم ضمن فريق عمل متكامل يعمل بروح الفريق الواحد بلا حدود ولا انانيات.

فالحياة واحدة ويجمعنا هدف سامٍ وهو البقاء والاستمرارية للأجيال القادمة.

وفي نهاية المطاف، يبقى الجانب الأخلاقي هو جوهر المعادلة الحاسمة لقياس مدى نجاعة مشروع بناء انسان المستقبل.

فكل تقدم علمي تقني سيبقى عبثا طالما لم يكن مرتبطا ارتباط وثيق بالقيم الانسانية الحميدة وبالإيمان العميق بان الله سبحانه وتعالى منحنا عقلا نيِّرا كي نستعمله بالحكمه وليس بالجشع والانانيه.