هل تُهدّد الثورة الصناعية الخامسة هويتنا الإنسانية؟

يبدو وكأننا نقترب بسرعة من مرحلة حيث ستُغير الآلات والطاقة كل شيء حولنا بشكل جذري مرة أخرى.

ومع ذلك، بينما كانت الثورتان الأولى والثالثة مدفوعتان بالطاقة والبخار، والرابعة الذكية والمرنة، فإن الخامسة قد تشهد اندماجا غير مسبوق بين الإنسان والآلة.

هذا التحول العميق يثير أسئلة جوهرية حول مكانتنا ودورنا كمخلوقات بشرية.

قد يؤدي هذا الاندماج المتوقع بين العقل البشري والقوى الحاسوبية الخارقة إلى خلق نوع جديد من الكائنات المهجنة التي تتمتع بمهارات وقدرات تتجاوز حدود القدرات البشرية الطبيعية حاليًا بكثير.

وهنا تكمن المفارقة الرئيسية لهذه القصة: ففي نفس الوقت الذي يمكن فيه للعصر الجديد توفير وسائل غير محدودة للاستكشاف والإبداع والحياة الطويلة والصحية، إلا أنه أيضًا قد يحمل خطر فقدان أهم جوانب كياننا الفريدة والتي جعلتنا مختلفين عبر التاريخ.

إذا أصبح بإمكان آلاتنا القيام بكل أعمالنا نيابة عنا، وتقديم بدائل ذكية لكل قرار واتخاذ خيارات مستقلة لنا.

.

.

حينها سيكون علينا اعتبار مفهوم الاختيار الشخصي نفسه شيئًا عفا عليه الزمن بالفعل!

عندها فقط سوف نفهم حقًا معنى كلمة الحرية وما تحمله من مسؤولية تجاه النفس والعالم المحيط بنا.

بالإضافة لذلك، إليك سؤال فلسفي عميق آخر: إن لم يعد هناك حاجة للبشر لأداء مهام محددة بسبب التقدم التكنولوجي المذهل، فكيف سينظر المجتمع لهؤلاء الذين اختاروا عدم المشاركة في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي وجعل حياتهما أكثر سهولة؟

هل سيظلون جزءًا فعالًا منهم أم سينبذون جانبًا باعتبارهم مخلفات الماضي؟

وفي النهاية، ربما يكون السؤال الأكثر إلحاحًا هو التالي: أي نوع من الحضارة نريد بناءها باستخدام مواردنا اللانهائية الجديدة؟

هل ستصبح نسخة رقمية مطلقة من واقعنا الحالي، مليئة بنفس المشاكل الاجتماعية والاقتصادية القديمة ولكن هذه المرة بمعاملتها رياضيًا وتجريديتها منها باعتبار أنها مسائل حسابية بحته؟

أم أنه بإمكاننا اغتنام فرصة الانتقال لكوكب أحلام مختلفة تمامًا يستحق جهودنا الجماعية للوصول إليه؟

الأمر متروك لنا الآن لاتخاذ القرارت الصحيحة قبل فوات الأوان!