التحول الرقمي: هل يتطلب إعادة النظر في مفهوم "الحقيقة" ؟

مع تقدم التكنولوجيا ودمجها العميق في كل جانب من جوانب الحياة اليومية، يبدو أن الخطوط الفاصلة التقليدية بين الواقع والمحاكاة تتلاشى ببطء.

لكن السؤال الأكثر أهمية الآن هو: ماذا يعني هذا التحول فيما يتعلق بمفهومنا للحقيقة؟

في السابق، اعتاد الناس على وجود حقائق مطلقة وثابتة - تلك الحقائق التي يمكن اختبارها والتأكد منها عبر التجارب المادية.

ومع ذلك، فإن الطبيعة السائلة والمتغيرة باستمرار للعالم الافتراضي تسلط الضوء على مشكلة أساسية: هل سيتمكن المرء بعد الآن من الثقة بما يعتبره حقيقياً عندما يكون ممكناً تغيير أي شيء تقريباً بنقرة زر واحدة؟

قد يؤدي الاعتماد الكبير على المعلومات الرقمية أيضاً إلى خلق نسخة معدَّلة من الذكريات الشخصية وحتى الخبرات المشتركة.

فقد يصبح من الصعب للغاية الفصل بين التجربة الأصلية وما يمكن تعديله باستخدام برامج تحرير الصور والفيديو وغيرها الكثير.

وبالتالي، قد تواجه المجتمعات تحديات أخلاقية وسياسية كبيرة بسبب عدم اليقين بشأن صحة الأحداث الماضية وكيف ستُسجل المستقبل القريب.

بالإضافة لذلك، فإن زيادة المشاركة داخل العوالم الافتراضية قد تجعل بعض الأشخاص يفضلون قضاء وقت طويل بعيداً عن الاتصال الإنساني المباشر، مما ينذر بخطر الانعزال الاجتماعي وانخفاض مستوى التعاطف بين أفراد المجتمع البشري.

وهنا تأتي الحاجة الملحة للتساؤل حول مدى تأثير مثل تلك الظروف الجديدة على رفاهيتنا النفسية وعلى مستقبل العلاقات الاجتماعية لدينا.

وفي نهاية المطاف، بينما نمضي نحو مستقبل حيث تصبح حدود الخصوصية أكثر غموضاً ويصبح الشكل النهائي للحياة اليومية غير مؤكد نسبياً، فلابد وأن نفكر مليّا فيما يعنيه الأمر فعليا عندما يتعلق بالأمر بتحديد ماهية "الواقع".

ربما آن الآوان لأن نعيد رسم خريطتنا الذهنية الخاصة بهذا المصطلح ولنبدأ بسؤال أنفسنا: أليس الوقت مناسب لتوضيح التعريف الشامل بما يشمل كلا العالمين - الفعلي والرقمي - باعتبار كلاهما جزء أصيل وحقيقي ذو قيمة متساوية ضمن السياق العام لحياة الإنسان الحديث؟

إن فهم العلاقة المعقدة والصعبة بين هذان المصطلحان سوف يلعب دور حيوي بالتأكيد أثناء اجتياز طريق النمو والتطور الهائل الذي ينتظر البشرية خلال العقود المقبلة.

#270 #توازن #صعب