لقد أصبح عالم الأعمال اليوم ساحة مليئة بالمتغيرات والتحديات التي تتطلب قدرًا عاليًّا من المرونة والاستعداد الدؤوب لمواكبة التطورات المتلاحقة.

وبينما يمثل التركيز على تحقيق توازن أفضل بين الحياة العملية والحياة الشخصية هدفًا نبيلًا وضروريًا للحفاظ على الصحة النفسية والعامة للفرد، إلا أن الغوص العميق في جوهر المشكلة قد يكشف لنا جانبًا آخر أقل سطوعًا لهذه المعادلة التوازنية الشهيرة.

إن مفهوم "الوهم الوظيفي"، وهو مصطلح مستعار من علم النفس الاجتماعي لوصف اعتقاد بعض الأشخاص بأن لديهم وظائف ذات قيمة اجتماعية عالية رغم عدم وجود دليل موضوعي يؤيد ذلك، يمكن اعتباره نموذجًا مناسباً لتطبيق هذا السياق الجديد لفهم العلاقة بين العمل والحياة الخاصة.

فعندما نعتمد فقط على الجانب الكمِّي مثل عدد ساعات عملنا ونسبة وقت فراغنا لتحقيق شعورٍ بالإنجاز الذاتي وتلبية احتياجات المجتمع، فقد نواجه حينئذٍ خطراً محدقاً يتمثل في الشعور بالإحباط والاكتئاب بسبب عدم توافق توقعاتنا الداخلية مع واقع مؤشراتنا الخارجية الظاهرة.

وبالتالي، بدلاً من اتخاذ قرار بترك مجال معيَّن لصالح الحياة الشخصية، ربما ينبغي علينا تشكيل منظور مختلف لما يعتبر "عملا قيِّماً".

حيث يقدم مقترح استخدام الوقت الخاص بممارسة هوايات مفيدة اجتماعياً كمثال كلاسيكي لهذا النهج البديل لإدارة الضغط الناتج عن الجمع بين طموحات مهنة وشخصية فرد.

وهذا يتطلَّب تغيير جذري في طريقة النظر لعالم المهام الروتينية مقابل تلك الأكثر تأثيراً.

وفي ظل الثورة الصناعية الرابعة وما تبعثره من تقنيات حديثة تغزو كافة القطاعات الاقتصادية تقريباً، تبدو الضرورة ملحَّة أكثر فأكثر لاعتماد نهج شامل ومتكامل لمعالجة قضية التقاطع بين روتين يوم العامل وحياته العائلية/الشخصية.

فالذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها الكثير من أدوات المستقبل سوف تحدث انقلاباً كبيراً في سوق المناصب الإدارية التقليدية.

وقد رأينا بالفعل بوادر أولى لهذا الاتجاه عندما ظهرت تطبيقات ذكية قادرةٌ على القيام بواجبات محاسبية بسيطة وحتى تنسيق المشاريع التعاونية عبر الإنترنت.

وبناء عليه، ستصبح القدرة على التفاوض بشأن ترتيبات العمل المرِنة ومراعاة المساحات الزمنية للعامل أمراً حيويُّا لاستمرارية أي منظمة تسعى للبقاء ضمن نطاق المنافسة العالمية.

ومن ثمَّ، تصبح عملية إعادة تعريف ماهيته "عمل ذو جدوى" شرطاً مسبقا لأجل النجاح الجماعي داخل كيانات مؤسساتية مستقبلية.

أخيراً، دعونا نتذكر دائماً بأن مفتاح الب

1 التعليقات