القدرة على الاختيار.

.

.

بين الأصالة والاحتيال!

في عصر المعلومات المتسارع هذا، نواجه تحديات لا حدود لها فيما يتعلق بكيفية فهمنا للواقع وتمييزه عن المزيف.

فالقصتان اللتان ذُكرتا سابقًا - الأولى تتعلق بانتشار أخبار زائفة تسببت في خوف وهلع غير ضروري، والثانية تناولت التلاعب المتعمد بمعلومات المنتج لخداع المستهلكين- هما مثالان واضحان على كيفية استخدام الدعاية والإعلام لتشكيل تصوراتنا وتقويض ثقتنا.

إذا عدنا قليلاً إلى الوراء، سنجد أن تاريخ البشرية مليء بالأمثلة التي استخدم فيها البعض الدعاية والحرب النفسية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية وحتى اجتماعية.

منذ أيام المعارك القديمة حتى الحروب الحديثة التي تثور على منصات التواصل الاجتماعي، ظل نفس النهج يستخدم: زرع الريبة والقلق واستغلال الضعف الإنساني الطبيعي للاستسلام للتأثير الجماعي.

والآن، وفي عالم الأعمال خاصةً، أصبح الأمر أكثر خطورة لأنها لم تعد لعبة جيوسياسية فحسب، بل إن الصحة المالية والعاطفية للأفراد أيضاً معرضٌ للخطر الآن.

فعندما تتم ممارسة الاحتيال التجاري، سواء كان بخداع الجمهور حول جودة المنتَج أو مكانه الأصلي، فإن ذلك يهدِّد بنيان المجتمع برمته لأنه يؤذي اقتصادياً أولئك الذين أسسوَا أعمالَهُم بصدقٍ وأمانة.

وفوق كل اعتبار، فهو ينزع عنصر الثقة الأساسي في العلاقات البشريَّة كلها.

فلنعد مرة أخرى للسؤال الرئيسي المطروح والذي يدعو للنقاش: ماذا يعني لنا مفهوم 'الاختيار' عندما يكون لدينا خيارات مبنية على بيانات خاطئة؟

وما هي مسؤوليات الشركات والمنظمات الأخرى أمام جماهيرها عند تقديم منتجات وخدماتها؟

وهل هناك طرق لمحاربة هذه الظاهرة بشكل فعال ومن ثم دعم جمهور مستهلِكي واع ومدرك لما يحصل حول العالم؟

هذه الأسئلة وغيرها الكثير تستدعي نقاشاً تفصيلياً، إذ إنه لمن المهم جداً وضع قواعد وأنظمة صارمة لحماية حقوق المستهلك وضبط سلوك المؤسسات المختلفة بما يتوافق مع قيم العدل والشفافية.

ولابد أيضا من رفع مستوى الوعي لدى عامة الناس بحيث يتمتعون بقدر أكبر من التمييز والنقد أثناء التعامل مع مختلف مصادر الأخبار والبضائع.

فهذه الأمور ستضمن لنا جميعا مستقبلا أفضل حيث يعيش الجميع بشروط عادلة ومتوازنة.

1 تبصرے