هل تتحمل مسؤوليتنا الرقمية عواقبَ تراثِنا؟

لقد أصبح واضحاً الآن أنه بينما نمضي قدُماً نحو مستقبلٍ متصلٍ رقمياً، فلا بدَّ أن نعترف بأن تأثير أعمالنا ليس مقصوراً فقط على العالم الفيزيائيِّ المُحيط بنا، لكن أيضاً يمتد إلى شبكات الاتصال العالمية وتفاعلاتنا الاجتماعية والمهنية وحتى ثقافتنا وهُويتنا الجماعيَّة.

إنَّ هذا الأمر يتطلب منا إعادة النظر بعمق أكبر في مفهوم "البصمة الكربونية"، إذ أنها تشير الآن ليس فقط إلى كمية الانبعاثات الناتجة عن وسائل نقلنا وطاقتنا المنزلية وغيرها من المصادر التقليدية للتلوث البيئي، ولكن أيضًا ما ندخل إليه من بيانات ومعلومات يومياً، وكيف تؤثر هذه الكم الهائل من البيانات والمعرفة المتزايدة باستمرار على بنيتنا الأساسية للفكر والإبداع والتقدم العلمي والثقافي ككل.

إن انتقالنا التدريجي لتصبح حياتنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتكنولوجيا المعلومات والبيانات الضخمة قد يكون له جوانب ايجابية عديدة بلا شك، فهو يوفر فرصاً عظيمة لتحقيق المزيد من الكفاءات الإنتاجية ويعجل بعمليات اتخاذ القرارت ويسمح بنشر العلوم والفنون بسهولة وسرعة أكبر.

.

.

إلخ.

لكن مقابل ذلك تأتي التحديات المتعلقة بالحفاظ على خصوصيتنا واحترام حقوق الملكية الفكرية ومراقبة انتشار المعلومات المغلوطة والحفاظ كذلك على صحتنا النفسية والعقلية وسط كل هذا الفيضان المذهل للقنوات الإعلامية المختلفة والتي تصبح مصدر جذب شبه قهري لمعظم البشر تقريباً بغض النظر عن اعمارهم واختلاف طبائعهم وصفاتهم الشخصية الأخرى المؤثرة.

وبالتالي فقد آن الأوان حقاً كي نبدأ بالتفكير وبجدية أكبر بشأن مدى ملائمة بعض القيم المجتمعية القديمة جداً للعالم الجديد القائم على سرعة التواصل وتبادل الرأي والرؤى العلمية والفلسفية بعيدا عن قيود الزمان والمكان السابق وجودهما قبل ظهور الانترنت وعصر الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها.

وهنا يأتي دور التربية وتعليم النشء منذ المراحل الأولى لحياته حيث يعتبر الطفل أسعد الناس عندما يشعر بالأمان والاستقرار داخل نطاق اسرته الصغيرة أولاً ثم مجتمعه المحلي والمدرسي لاحقاً.

أما حاله عند شعور بعدم الطمأنينة والقلق بسبب عدم تقديره لذاته واحساسه بالفشل الدائم مقارنة باقرانه ممن هم أكثر ذكاء منه مثلا فسيكون قطعا مختلفا تمام الاختلاف وسيترك اثره الواضح عليهم طيلة عمرهم مهما بلغ نجاحهم فيما بعد لانطباعات الطفولة المبكره راسخه وصعبة المساس بها عادةً.

لذلك وجبت علينا جميعا العمل سويا لرعاية هؤلاء الأطفال ورعايتهم حتى يكبروا وينمو لديهم حس المواطنة الصالحا وحماية كوننا الأزرق الجميل.

1 نظرات