هلاك الجنة الخضراء.

.

ثمار سرقة بيانات الغذاء!

في عالم تسوده الرقائق الإلكترونية والهواتف الذكية، أصبح جمع ومعالجة كم هائل من المعلومات الشخصية أمرًا يومياً.

وفي ظل سعي شركات صناعة الأغذية لتحقيق أعلى نسب الربحية، قد يتحول حلم "جنة الاغذية الصحية" الى كابوس مرعب نتيجة لما يعرف بـ "سرقة البيانات".

ما هي الضمانات التي لدينا بأن الشركات المصنعة للأغذية تستغل تصوراتها عن عادات تناول الطعام عبر الإنترنت لخلق منتجات مصممة لجذب الإدمان بدلاً من تغذية أجسام وعقول البشر؟

إن الخطوط الفاصلة غامضة للغاية عندما يتعلق الأمر بتقاطع الذكاء الاصطناعي والتلاعب بالرغبات الأساسية للإنسان كالشهوة والجوع والرغبة في التحسن الذاتي.

فلنفترض وجود جهاز يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرٌ على قراءة مستويات الطاقة الحيوية لدى الانسان ومحتوى العناصر المغذيَّة بعظمته داخل جسمه ثم يقوم بارسال توصيات فردية بشأن ما ينبغي أكله وما الذي يجب تجنبُّه للحفاظ علي حالة نفسية وجسدية سليمتين.

سيصبح بالتالي المفهوم القديم لمقاهى المجتمع والمشاركة الجماعية حول موائد الطعام شيئًا من الماضى ، وسيحل محل ذلك مجتمع منعزل حيث كل شخص يأكل حسب وصفات خاصة به وفقا لرغباته الفريدة والتي حددتْهَا خوارزميات دقيقة للغاية .

إن تأثير مثل هذا الواقع سوف يكون كارثيّا ليس فقط لأنه سيؤدي الي انهيار العلاقات الاجتماعيه التقليدية ولكنه أيضا سيدمر مفهوم الثقافة الغذائيه المشتركة ويحول عملية اختيار الطعام اليومي إلى مهمة فرديه خالصه لا مكان فيها لأخذ البقية بالحسبان.

أما بالنسبة للأطفال الذين هم الأكثر عرضة لهذا النوع الجديد من التسويق المستهدف فقد يتعرضون لإرباك كبير فيما بينهم وبين والديهم وحتى أولياء الأمور الذين يحاولون تعليم أبنائهم القيم الأخلاقية المرتبطة بالأكل الصحي.

بالإضافة لذلك، فإن احتمال قيام الدولة بمراقبه النظام الغذائي لشعبها باستخدام أدوات الذكاء الصناعي المتقدمة ستفتح المجال أمام تدخل الحكومات بشكل مباشر وغير مباشر فيما تأكله الشعوب.

وقد يؤثر ذلك بشدة على حرية الاختيار الشخصيه وحقوق الإنسان الأساسية المتعلقه بحياة كريمه لصالح نظام غذائي مقنن وفرضه بالقوه.

وبالتالي تصبح الحدود بين اللذّة والإكراه مرهونة بمدى القدرات الرقمية المُستخدمة.

وفي النهاية، بينما نواصل بحثنا العلمي العميق لفهم الآثار طويلة الامد لهذه التطبيقات الحديثة، علينا ان نتوقف قليلا وأن نفكر مليَّاً فيما اذا كنا مستعدين حقا لان ندخل عصر حيث يتم فيه التحكم عمدا فيما نأكله من قبل الكائنات الالكترونية ام سنعمل سويا لحماية تقاليد الطهي الخاصة بنا والحفاظ عليها ضد أي جهود ترمي لهيمنتهم عليها تحت ستار التقدم العلمي.

#الضروري #متفاعلة #استخدام

1 Comentarios