موازين الضيافة والتميز.

.

هل نفقد هويتنا في عالم الصحافة الرقميّة ؟

إنّ ما تحققه المملكة العربية السعودية من إنجاز مميز فيما يتعلق باستيعاب ملايين الحجاج والمعتمرين خلال موسم واحد يعد دليلًا واضحًا على كفاءة وقدرة النظام والإدارة فيها.

فكيف تتمكن هذه البلاد الصغيرة جغرافيًا من تحقيق مثل هذا المستوى العالي من التنظيم والدقة أثناء استقبال وفود العالم الإسلامي؟

تجيب الأمثلة الواردة عن ذلك بجلاء: فهناك أكثر من ثلاثين ألف حافلة تعمل يوميًا لنقل الحجاج والمصلين، وهذا يتجاوز عدد الحافلات المستخدمة شهريًا في لندن عاصمة بريطانيا.

كما تعدّ المشاريع العملاقة كتوسعات الحرم المكّي مكلفة للغاية مقارنة بمعالم عالمية ذات شهرة واسعة كالقلعة الفرنسية «فرساي» والتي كلفت حوالي ٣٥ مليارات دولار فقط للبناء والصيانة بينما تجاوزت تكلفة توسعة الحرم هذا المبلغ بعدة مرات حسب التقارير الرسمية.

بالإضافة لذلك، تستقبل مدينة مكَّة ثلاثة ملايين حاج ومعتمر سنويًّا بنظام سلس وفعال للغاية وهو أمر غير مسبوق حتى لو قارناه بالأحداث الرياضية الضخمة كمونديال كأس العالم لكرة القدم والذي انتظرت ألمانيا سبع سنوات ليتم تنظيمه وفق جدول زمني مُحدد ومخطط له بدقة فائقة.

كل هذا يوضح مدى القدرات البشرية والفنية للمملكة وارتباطها بتاريخ طويل وحافل بالإنجازات الفريدة منذ عصر الرسول ﷺ وحتى يومنا الحالي.

ومن الواجب علينا جميعًا – عربيًا وإسلاميًا– الاعتراف بهذا التميُّز وتشجيع المزيد منه لأنه مصدر عز لنا جميعًا.

ولكن يجب ألّا نجفل كذلك عن ضرورة الانتباه لخطر اندثار ثقافتنا وهويتنا الأصيلة نتيجة الطوفان المعلوماتي والثقافي الغربي المنتشر بلا قيود ولا حسيب عبر الوسائط الإلكترونية الحديثة.

فالصحافة الورقية التقليدية المطبوعة كانت تحمل بصمتنا وعلامة وجودنا الثقافي الواضح أما الآن فأصبح الأمر مختلفًا نوعًا ما إذ تحتل وسائل التواصل الاجتماعي مكانة مرموقة جدًا لدى الشباب العربي خاصة وقد أصبحوا يقبلون عليها بشراهة كبيرة مما يجعلهم عرضة لمحتويات دخيلة وغريبة ربما تتعارض جذريًا مع قيم مجتمعاتهم الأصلية.

ولذلك وجبت الدعوة إلي تبني سياسة اعلامية وطنية جريئة تقوم بدور فعال في صون خصوصيتنا الثقافية والحفاظ علي خصوصيتنا العربية الاسلامية وعدم السماح لأحد بالعبث بها وبقيمنا الراسخة مهما تعددت الاصوات الخارجية المغرضة.

وفي النهاية فان قوة بلداننا ليست فقط بالإحصائيات والأرقام وانجازاتها المعمارية وغيرها وإنما أيضا بحماية كيانها الأساسي وتمسك شعبها بهويته وثوابيته الدينية والقانونية الوطنية.

وعندئذ فقط يمكن اعتبار الوطن قويًا قادرًا فعلاً على تخطي أي صعوبة مهما عظمت لأن أساس قوته راسخ ثابت لا يتزعزع.

#الغزو #الهدوء #مستوى #تواجه #الدولار

1 التعليقات