هل سبق لنا أن تأملنا كيف ينسج التاريخ خيوطه في ثوب حاضرنا، ويُعيد تشكيل ملامحه بفنانه المبدعين الذين يستلهمون ماضيهم ويتطلعون لمستقبلٍ لا حدود له؟

إن ماضينا ليس مجرد أحداث تاريخية جامدة؛ بل هو مصدرٌ غني بالإلهام لأجيال المستقبل التي تبحث عن بصمتها الفريدة في هذا العالم المتغير باستمرار.

خذ مثال مدارس الرسم والفنون القديمة التي كانت حاضنات للإبداع وصقل المواهب، والتي ساهمت بشكل كبير فيما نشاهده اليوم من أعمال فنية خالدة.

كما حدث ذات مرة عندما بدأت حركة الفن التشكيلي الأوروبي في القرن التاسع عشر بفضل جهود مدراس ومعاهد متخصصة، فقد حان وقت ليكون لدينا نهضة مشابهة في الوطن العربي تجمع بين تراثنا وتقاليدنا وأحدث التقنيات لإطلاق العنان لقدرات شبابنا الواعدة.

تخيل لو امتلك مبدعونا منصات تعليمية متكاملة تدمج بين التدريب المهاري والمعرفة النظرية والرؤية الاستراتيجية لبناء مشهد فني عربي مميز عالميًا!

عندها فقط سوف يتحقق ذلك الانتقال الحر (transition) من كون المنطقة مجرد مستوردة للمحتوى الفكري إلى كونها مصدرا أصيلا ومبدعا ثقافيا وفنيا.

فهل نحن جاهزون لخوض مغامرة كهذه واستثمار مواردنا البشرية والمادية لصنع مستقبل أكثر سطوعًا لفنانينا وطاقاتهم الخلاقية؟

إن الطريق قد يكون طويلًا ولكنه بالتأكيد جدير بذلك.

ولابد وأن ننطلق بداية بإحياء روح المغامرة والشغف داخل قلوب أولئك الطموحين وتشجيع تجاربهم العملية جنبا إلى جنب مع الدراسة الأكاديمية الصلبة لتحويل طموحاتهم إلى واقع معاش.

بهذه الطريقة وحدها سنضمن استدامة أي تقدم نحرزه وعدم بقائه مجرد وهج مؤقت سرعان ما يخبو قبل اكتماله.

1 注释