هل أصبح العالم رهينة للطاقة الشمسية؟

مع سعي البشرية نحو مستقبل مستدام، تبدو الطاقات المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، وكأنها الحل المثالي للتحديات البيئية والاقتصادية.

ومع ذلك، ورغم فوائدها العديدة، إلا أنها تخفي مخاطر كامنة تهدد بتعميق فوارق القوى العالمية وزيادة اعتماد الدول الصناعية الكبرى على عدد محدود من المنتجين الرئيسيين لهذه المصادر الطبيعية.

مخاطر مركزية الإنتاج:

إن تركيز إنتاج المواد الخام الأساسية للطاقة الشمسية في دول قليلة (مثل الصين والهند وأستراليا)، يخلق اعتمادات متبادلة ضخمة وخطيرة، حيث تصبح هذه الدول ذات أهمية استراتيجية قصوى بسبب قوتها المؤثرة على سلاسل توريدات سياسية حساسة للغاية.

وهذا سينتج عنه سياسات حمائية متشددة وسيطرة اقتصادية صارخة لمن يتحكم بهذه المصادر الحيوية لمستقبل البشرية جمعاء.

كما أنه سيفتح المجال لتداول العقوبات الاقتصادية كعملات مقايضة للضغط السياسي والاستنزاف الطاقي المتعمد ضد أي دولة تحاول عرقلة المشروع العالمي الجديد المشبع بالأنانية الباردة!

ثنائية الظلم الاجتماعي والبيئي:

ومن المفارقات المؤلمة أن نفس البلدان الأكثر استفادة من أشعة الشمس الغزيرة سوف تواجه أسوأ الآثار الجانبية لانبعاثات الكربون الناجمة عن عملية تصنيع وتوزيع منتجات الطاقة الشمسية الأولية والتي غالبا ما تحدث بعيدا جدا عن مواقع الاستهلاك النهائي لها.

وبالتالي، ستتحمل شعوب الجنوب العالمي نصيب الأسد من آثار تغير المناخ بينما تستمتع نخبة الشمال بطعامهم اللذيذ المغذي بالنور الأبيض النقي المبهر!

محاصرة الابتكار العلمي:

بالإضافة لما سبق ذكره، قد يحدث تأثير سلبي جوهري آخر يتمثل فيما يعرف بـ "محاصرة الاختراعات"، والذي يعني افتقار الشركات الصغيرة والمتوسطة للحوافز اللازمة للاستثمار والبحث العلمي المكلفين مادامت السوق مهيمنة بالفعل بقله صغيرة من العمالقة المهوسين بتحقيق الربحية القصوى حتى لو كان الثمن باهظ جدّا.

.

وهنا أيضا يزداد اتساع هوّة جيل اليوم وغدا حين يتوارى العلماء خلف أبواب المصانع ويصبح المستقبل بيد حفنة من رجال الأعمال ذوي النفوس المادية الضيقة.

.

.

ختاما، يبدو واضحا ان الجانب الايجابي لهذا التوجه الحضاري الجديد يحتاج وقاية شرطية من نوع خاص لحماية الانسانية من نفسها ومن نزعاتها الشريرة تاريخيا قبل كل شيئ آخر!

1 Kommentarer