إعادة تصور المستقبل: دور الفرد والمجتمع وسط التحولات المتلاحقة وسط زخم التطور التكنولوجي والتحولات المجتمعية السريعة، تتبلور حاجة ملحة لإعادة تعريف العلاقة بين الفرد ومحيطه وبين المجتمع ككل.

فالأسئلة المطروحة لم تعد تتعلق بالعدالة الاجتماعية وحدها، بل تشمل الآن ملامح هذا العالم الجديد الذي نشكله بأنفسنا.

إن كان علينا حقًا إعادة هيكلة الأنظمة التعليمية للاستجابة لتحديات القرن الحادي والعشرين، فإن الطريق أمامنا يتطلب جرأة أكبر من مجرد تبني وسائل رقمية؛ فهو يخضع لقيم أخلاقية راسخة وضبط ذات صارم.

لكن قبل الغوص في التفاصيل العملية لذلك، لا بد وأن نواجه واقعنا الحالي بشفافية.

فالعالم اليوم يشهد تصاعد حدّة التوترات السياسية والاقتصادية والتي تهدد بتقويض أي جهود تقوم بها المؤسسات الدولية – بغض النظر عن حسن نواياها - .

وفي المقابل، هناك مسؤولية جماعية قائمة لاقتراح حلول مبتكرة تراعي خصوصيات كل منطقة وثقافة دون المساس بجوهر رسالتها الإنسانية المشتركة.

وهنا يأتي دور الفلاسفة والمعلمين وصناع القرار المحليين الذين بإمكانهم ترجمة القيم الأصيلة إلى خطط عمل قابلة للتطبيق ضمن السياق الخاص بكل دولة.

ومن الواضح أيضا، أنه مهما بلغ مستوى نمو الذكاء الصناعي وقدراته الخارقة للطبيعة تقريبا بالنسبة للبشر، إلا انه يبقى أداة مساعدة فحسب.

فهو يسهل الوصول إلى المعلومات ويعالج كميات ضخمة منها بسرعة فائقة لكنه غير قادر على تحديد الأولويات والتمييز بين المصالح العامة والقضايا المعقدة اجتماعيا وسياسيا بوعيه الخاص.

وبالتالي فلابد لنا جميعا – حكومات ومنظمات دولية وأفراد عاديون – من المشاركة النشطة في وضع قواعد تنظيمية واضحة تحدد مهام البرمجيات الروبوتية بحيث تبقى تحت رقابة بشرية مستمرة حتى وإن كانت مستقلة جزئياً.

وفي الختام، لقد آن الأوان لأن نعترف بأن مصير الحضارة الإنسانية أصبح مرتبط ارتباط وثيق بتلك الاختيارات الحاسمة فيما يتعلق بالتكنولوجيا والثقافة وهيكل السلطة السياسي.

وكما قال أحد القدماء:"الأمم تنمو بفكرها وتقوى بعلمها".

فهذه هي اللحظة التاريخية حيث يمكن لكل واحد منا المساهمة في صنع تاريخ أفضل لأجياله القادمة عبر نشر العلم والفنون وتشجيع روح النقد الحر والعمل الجماعي المثابر.

1 تبصرے